باب التيمم
  كثر التراب نفض وإلا فلا، ثم يمسح بهما وجهه مسحا عامًا، ويدخل إبهامه(١) تحت غابته(٢) وهي باطن الذقن تخليلا للحية إن كانت.
  وأما هيئة مسح اليدين: فهي أن يمسح يمينه من ظاهرها من عند الأظفار بباطن أصابع يده اليسرى مصفوفة، فيمرها على ظاهر اليمنى إلى المرفق وراحة اليسرى محفوظة لم يمسح بها، ثم يقلبها على باطن ذراعه اليمنى من حذا المرفق فيمرها على إبهامه، فيمسح جميع ذلك، ثم يمسح بيده اليمنى يده اليسرى على الصورة التي قدمنا في اليسرى سواء، وهذه الهيئة إنما هي حيث تقتصر على ضربتين.
  وأما تثليث الضرب فوجه ندبه أن يحصل الترتيب في تيمم الراحة اليسرى وعدم استعمال ترابها في اليد اليمنى.
  وإنما عدل المؤلف عن قوله في الأزهار: "وندب ثلاثا"؛ لإيهامه أن التثليث للتيمم لا للضرب، فأراد التصريح بأنه للضرب لا للتيمم.
فصل: [في التحري للصلوات الخمس آخر الوقت للمتيمم]
  (ويتحرى للخمس آخر وقتها، هب مطلقا)، أي يتحرى المريد للتيمم لكل صلاة بقية من وقتها يتسع لها ولتيممها، فإذا أراد أن يتيمم للظهر تحرى لها ذلك القدر؛ لأن ما بعده متمحض لصلاة العصر، وهو ما يتسع لها ولتيممها قبل غروب الشمس، وكذلك الكلام في المغرب والعشاء، ويتحرى للفجر وقتا يصادف فراغه منها طلوع الشمس. هذا هو المذهب، وظاهره عدم الفرق بين أن يرجو زوال عذره أم لا، وإلى هذا أشار المؤلف أيده الله تعالى بقوله: "المذهب مطلقا"(٣).
  وعن أبي حنيفة والشافعي: أنه يجوز أول الوقت مطلقا(٤).
(١) في (ب، ج): ويدخل إبهاميه.
(٢) في (ج): تحت غابتيه.
غابته: تشبيه لِلِّحْيَةِ بالغابة، وهي الأجمة ذات الشجر المتكاثف. انظر: تاج العروس ٢/ ٢٩٦، مادة: غيب، ولسان العرب ١/ ٦٥٦، مادة: غيب.
(٣) الانتصار ٢/ ٢٣٢، والبحر الزخار ١/ ١٢٣، والتذكرة الفاخرة ٧١، وشرح الأزهار ١/ ٤٦٢، والتحرير ١/ ٦١.
(٤) الأوسط لابن المنذر ٢/ ٦١، واللباب في شرح الكتاب ١/ ٣٣، والهداية ١/ ٢٩، وفيه: عن أبي حنيفة، وأبي =