باب صلاة العيد
  قال في شرح الأثمار: وإنما عدل المؤلف أيده الله تعالى عن عبارة الأزهار من قوله: "ويتحمل الإمام ما فعله مما فات اللاحق" إلى عبارة الأثمار؛ لأن عبارة الأزهار ليس فيها تصريح بالمعنى المقصود هنا، وعبارة الأثمار دالة على المقصود صريحًا؛ لأن المتحمَّل: هو الفائت على اللاحق، والمتحمَّل به: هو المفعول للإمام الذي بسببه حصل التحمُّل، والمتحمِّل: هو الإمام، والمتحمَّل عنه: هو اللاحق، فهذه أربعة أطراف متميزة معقولة، وهي: المُتَحَمِّلُ، وَالمُتَحَمَّلُ، والمتحمَّل به، والمتحمَّل عنه. فالأول: الفاعل، والثاني: الفائت، والثالث: المفعول، والرابع: الذي وقع الفوت عليه، وعبارة الأثمار مؤدية لهذه الأطراف من غير لبس.
  وعبارة الأزهار صريحة في أن المتحمَّل [به](١) والفائت واحد - لأن "من" للبيان وليس كذلك - لأن المتحمل [به](٢) هو المفعول للإمام، والفائت هو المتروك للاحق، وفي أن مفعول الإمام متحمَّل، وليس كذلك، بل هو متحمل به. انتهى(٣).
[خطبة العيد]
  قوله أيده الله تعالى: (ويسن بعدهما في جماعة خطبتان كما مر، لكن لا يقعد أولا) أي يسن عقيب صلاة العيد خطبتان، فلو خطب قبل الصلاة أعاد الخطبة بعدها، قيل: وذلك إجماع(٤)، إلا ما روي عن مروان بن الحكم، ولا وجه له(٥).
  روي عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله ÷ يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، وأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف، فيقوم مقابل الناس، والناس جلوس على صفوفهم، فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم، وإن كان يريد أن يقطع بعثا أو يأمر بشيء أمر به، ثم ينصرف، قال أبو سعيد: فلم يزل الناس على ذلك
(١) ما بين المعقوفتين زيادة لا تستقيم العبارة إلا بها، وليست في النسخ.
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (الأصل، ج).
(٣) عبارة الأزهار ص ٥٣: ويتحمل الإمام ما فَعَلَهُ مما فات اللاحق.
(٤) أصول الأحكام ١/ ١٨٤، والانتصار ٤/ ٣٥٤، والمجموع الفقهي والحديثي للإمام زيد ص ١٨٤، ومصنف ابن أبي شيبة ٢/ ٨، وبدائع الصنائع ٢/ ٢٧٦، والمهذب ١/ ٣٩٣، والأم ٣/ ٢٣٠.
(٥) الأوسط لابن المنذر ٤/ ٢٥٩، والأم ٣/ ٢٣٠.