باب: [صلاة الجماعة]
  الصلاة إذا تمكنوا من ذلك بفعل يسير(١)، كما يجوز لهم ذلك لو مات الإمام، فلو استخلف بعضهم شخصًا، وبعضهم غيره، فيحتمل أن يكون حكمهما حكم إمامين دعوا في وقت واحد، وسيأتي. ويحتمل أن يصح ائتمام كل طائفة بمن استخلفوه بعينه.
  فأما لو ائتموا جميعهم بكل واحد من الاثنين فسدت صلاتهم، وذلك ظاهر.
  قال في الشرح: وإنما عدل عن قوله في الأزهار: "ولهم الاستخلاف كما لو مات أو لم يستخلف"(٢)؛ لأنها توهم أن لهم الاستخلاف، ولو أراد أن يستخلف، وليس كذلك.
فصل: [في متابعة الإمام]
  (ويتابع مؤتم، إلا في مفسد فيعزل)، أي يجب على المؤتم أن يتابع إمامه في الأذكار والأركان.
  ومعنى المتابعة: ترك المخالفة في ذلك، ولو فاته لأجل المتابعة مسنون، إلا فيما كان مفسدًا للصلاة لو تُعُمِّدَ من فعل أو ترك، فإنها لا تجوز متابعة الإمام في ذلك، نحو أن يزيد ركوعًا أو سجدة، أو يترك أيهما سهوا أو نحو ذلك، بل يجب على المؤتم أن يعزل صلاته حينئذ ويتم فرادى(٣).
  قال في الغيث: وهل العزل على الفور أو ينتظر لعل الإمام ينتبه للخطأ؟! لا كلام أن المشروع الانتظار، لكن ذلك يحتاج إلى تفصيل: فنقول: أما في الركوع والسجود والقعود فإذا قام الإمام إلى الركعة الخامسة فإن المؤتم يقعد وينتظر تنبه الإمام قدر التشهد، فإن أيس سلم لنفسه.
  قيل: فإن عاد الإمام فإن المؤتم ينوي الائتمام به(٤)، حيث نوى العزل بتخلفه عن الإمام،
(١) شرح الأزهار ١/ ٣١٠، والبحر الزخار ١/ ٣٣١. وعند مالك وأبي حنيفة: إذا أحدث الإمام استخلف، فإن لم يستخلف استخلفوا هم، فإن لم يفعلوا وصلوا وحدانا أجزأتهم صلاتهم، فإن استخلف كل طائفة منهم رجلا وصاروا فرقا كل فرقة خلف إمام بطلت صلاتهم. ينظر: عيون المجالس ١/ ٣٧٩، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٦٨، وبدائع الصنائع ١/ ٢٢٦، وقال فيه: ولو قدم الإمام أو القوم رجلين، فإن وصل أحدهما إلى موضع الإمامة قبل الآخر تعين هو للإمامة وجازت صلاته، ومن اقتدى به وفسدت صلاة الثاني وصلاة من اقتدى به. وللشافعية في الاستخلاف قولان: قال في القديم: لا يجوز؛ لأن المستخلف كان لا يجهر ولا يقرأ السورة. والثاني: يجوز. ينظر: المهذب ١/ ٣١٩.
(٢) الأزهار ص ٤٥.
(٣) شرح الأزهار ١/ ٣١٠، والانتصار ٣/ ٥٣٥، ٦٩٥.
(٤) في هامش (ب): إن لم يكن قد فعل ركنين بعد العزل.