تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب الوضوء

صفحة 402 - الجزء 1

  واجه، ويمسح ما أدبر منهما مع الرأس⁣(⁣١). ولنا على جميعهم ما مر، والله أعلم.

[الفرض الثامن: غسل القدمين]

  (ثم غسل القدمين مع الكعاب والملاقي) هذا هو الفرض الثامن، وفيه أربعة أقوال: الأول: للمذهب أن الواجب هو الغسل، وهو قول أبي حنيفة والشافعي⁣(⁣٢)؛ لقوله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ}⁣(⁣٣) بالنصب عطفا على قوله: {وَأَيْدِيَكُمْ}⁣(⁣٤).

  وأما قراءة الجر فقد حملت على المجاورة لقوله: {بِرُءُوسِكُمْ}⁣(⁣٥) كما في قول العرب: هذا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ، بجر "خربٍ" لمجاورة "ضب" وإن كان الواجب رفعه؛ إذ هو صفة لـ"جحر". وضعف هذا التأويل؛ لأن الجر بالمجاورة ضعيف لم يرد في القرآن إلا في قراءة شاذة في قوله تعالى: {وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ}⁣(⁣٦) بجر الأيمن لمجاورة الطور، وهو صفة لجانب. وقيل: الأولى أن تحمل قراءة الجر على ظاهرها، ويكون حكمها منسوخا بفعل النبي ÷؛ لأنه لم يؤثر عنه إلا الغسل. وقيل: بل تحمل قراءة الجر على العطف على الرؤوس، ويحمل المسح فيها على الغسل الخفيف الذي تسميه العرب مسحا، وإنما عبر به في الأرجل طلبا للاقتصاد في صب الماء عليها؛ لأنها مظنة للإسراف فيه المنهي عنه، وإلى هذا المعنى أشار الزمخشري في الكشاف⁣(⁣٧).

  القول الثاني: للإمامية أن الواجب هو المسح⁣(⁣٨)، ولعلهم يحملون قراءة النصب على العطف على محل {بِرُءُوسِكُمْ} لأن محلها النصب كما يقال: مررت بزيد وعمرًا.

  القول الثالث: للناصر ورواية عن القاسم أنه يجب الجمع بين المسح والغسل. قال


(١) ينظر: مصنف عبد الرزاق ١/ ١٤ كما هو قول الحسن بن صالح، وأحمد، وإسحاق. ينظر: عيون المجالس ١/ ١١٠، والإنصاف في مسائل الخلاف ١/ ١٣٦، والانتصار ١/ ٧٠٧، والبحر الزخار ١/ ٦٦.

(٢) ينظر: الانتصار ١/ ٧٠٩، والبحر الزخار ١/ ٦٧، وشرح الأزهار ١/ ٨٩، والمجموع ١/ ٤٤٧، وبدائع الصنائع ١/ ٥، والمغني ١/ ١٢٠، وعيون المجالس ١/ ١١٧.

(٣) سورة المائدة: ٦.

(٤) سورة المائدة: ٦.

(٥) سورة المائدة: ٦.

(٦) سورة طه: ٨٠.

(٧) ينظر الكشاف ٣/ ٧٩.

(٨) كما هو قول الظاهرية. ينظر اللمعة الدمشقية ١/ ٣٢٦، والمحلى بالآثار ١/ ٣٠١، وحلية العلماء ١/ ١٥٥.