باب المياه
[حكم الماء المتغير بطاهر]
  وأما الذي شابه حكما فهو المستعمل، وسيأتي الكلام عليه قريبا، والذي شابه طاهرٌ إن لم يغير شيئًا من أوصافه الثلاثة أو غيرَّها، وكان مما يتطهر به كالتراب الذي يصح التيمم به، وماء البحر، والثلج، والبرد، والملح البحري، أو كان [في](١) مقر الماء أو ممره أو منبعه، كأن يكون في أحدها معدن أو نحوه، أو كان تغيره بميتة سمك، أو متوالد فيه لا دم له، أو بأصول شجر فيه، أو بورقه، فإنه في جميع هذه الأحوال يكون طاهرًا مطهرًا عند أهل المذهب، ولو فحش تغيره بذلك؛ لأن ذلك لا يسلبه إطلاق اسم الماء عليه عند أهل اللغة.
  وإن كان الذي شابه طاهر غير ما ذكر، فإن لم يغير أحد أوصافه فكذلك، وإن غير أوصافه أو بعضها تغييرًا(٢) فاحشًا بحيث صار لا يطلق عليه اسم الماء إلاَّ مقيدًا بالإضافة إلى [ماء](٣) غيره، كماء قرظ ونحوه، فهذا لا يجزئ التطهر به اتفاقًا؛ لعدم تناول الأدلة له، وإن غير بعض أوصافه ولم يسلبه إطلاق اسم الماء، فهذا النوع مختلف في صحة التطهر به، فالذي حصَّله الأخوان والقاضي زيد للهادي أنه لا يصح التطهر به. حكى ذلك في الغيث عن التقرير(٤).
  قال: وفي الأحكام ما يدل على الجواز، يعني الصحة(٥).
  قال: ورواه في العلوم(٦) عن القاسم، وهو قول المنصور وأبي حنيفة وأصحابه(٧).
  وروي أيضًا عن الإمام يحيى [بن حمزة](٨).
(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ب، ج).
(٢) في (ب، ج): تغيرا.
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٤) التقرير في شرح التحرير كتاب في الفقه في خمسة مجلدات، للأمير الحسين بن بدر الدين (ت: ٦٦٢ هـ)، منه نسخ بمكتبة الجامع الكبير برقم (٢٣٢٩)، ورقم (٢٧٤)، ورقم (١٢٠٣)، ورقم (١٢٧٩). ينظر أعلام المؤلفين الزيدية ص ٣٩١.
(٥) الأحكام في الحلال ١/ ٦٤، للإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم - جمعه ورتبه: أبو الحسن علي بن أحمد بن أبي حريصة - ط ١ (١٤٠ هـ - ١٩٩٠ م).
(٦) العلوم: كتاب في الحديث، للإمام أحمد بن عيسى بن زيد، جمعه: محمد بن منصور المرادي، وأكثر فيه الرواية عن أحمد بن عيسى، واشتهر باسم أمالي أحمد بن عيسى (طبع).
(٧) البحر الزخار ١/ ٣٠، ٣١، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ١٢٨، ومختصر الطحاوي ص ١٦.
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ب). =