تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب الأوقات

صفحة 86 - الجزء 2

باب الأوقات

  لا خلاف في أن للصلاة أوقاتا مخصوصة، ومستند ذلك من الكتاب قوله: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ١٠٣}⁣(⁣١)، وقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ}⁣(⁣٢). وقد قيل: إن المراد الصلوات الخمس في قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ١٧ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ١٨}⁣(⁣٣) (⁣٤).

  ومن السنة: أخبار كثيرة سيأتي في هذا الباب ذكر بعضها إن شاء الله تعالى.

  واختلف في متعلق الوجوب من الوقت المضروب؛ فعن الهادي والمؤيد بالله وأبي طالب أن الوجوب متعلق بكل الوقت المضروب على سواء⁣(⁣٥)؛ إذ لم تفصل الآيتان وهما: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} الآية، {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} الآية. وقوله ÷: (إن للصلاة أولا وآخرا) الحديث⁣(⁣٦). وقوله ÷: (الوقت ما بين الوقتين) الحديث، وسيأتيان إن شاء الله تعالى.

  وعن أبي حنيفة وأصحابه: أن الوجوب متعلق بآخر الوقت للتحتم فيه، وأوله للجواز فقط⁣(⁣٧)؛ إذ لا تحتم ولا بدل، وما عجل فنفل، إن مات أو نحوه قبل التحتم وإلا ففرض.

  وعن الشافعية أن الوجوب متعلق بأول الوقت⁣(⁣٨)، والعزم بدل، وآخر الوقت دليل على التخيير بين الفعل والعزم.


(١) سورة النساء: ١٠٣.

(٢) سورة هود: ١١٤.

(٣) سورة الروم: ١٧ - ١٨.

(٤) عن ابن عباس، ومجاهد. جامع البيان عن تأويل آي القرآن م ١١/ج ٢١/ ٣٦، ومجمع البيان ٨/ ٥٢، تأليف: أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي - حققه لجنة من العلماء - مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت - لبنان ٠ ط ١ (١٤١٥ هـ/١٩٩٥ م)، تأليف الإمام ابن جرير الطبري (ت: ٣١٠ هـ) - دار الفكر - بيروت - (١٤١٥ هـ/١٩٩٥ م).

(٥) الأحكام ١/ ٨٩، وشرح التجريد ١/ ٧٢، والتجريد ص ٩٦.

(٦) سنن الترمذي ١/ ٢٧٨ رقم (١٤٩)، كتاب الصلاة - باب ما جاء في مواقيت الصلاة، وسيأتي.

(٧) أصول السرخسي ١/ ٣٠، تأليف: أبي بكر محمد بن أبي سهل السرخسي، تحقيق: أبي الوفاء الأفغاني - دار الكتب العلمية - ط ١ (١٤١٤ هـ/١٩٩٣ م)، والتلويح على التوضيح ١/ ٢٠٧، سعد الدين التفتازاني - دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان.

(٨) مجموع النووي ٣/ ٥٠، والمهذب ١/ ١٨٨، والحاوي ٢/ ٤٢.