[شرح مقدمة الأثمار]
  
[شرح مقدمة الأثمار]
  قوله: (مقدمة: لا يسع نحو المقلد جهلها(١)) أي هذه مقدمة، ويجوز فيها فتح الدال وكسرها، فالفتح على أنها اسم مفعول؛ لأنها قدمت على غيرها، والكسر على أنها اسم فاعل؛ لأنها قدمت ما تضمنته من المسائل على ما بعدها، [أو تكون](٢) بمعنى متقدمة [من قَدَّمَ](٣) بمعنى تَقَدَّمَ، كما في قولهم: قد بين الصبحُ لذي عينين، أي تبين.
  والفرق بين مقدمة العلم ومقدمة الكتاب: أن مقدمة العلم: ما يتوقف الخوض في مسائله على العلم به(٤). ومقدمة الكتاب: طائفة من الكلام قدمت أمام المقصود؛ لارتباطٍ له بها وانتفاع بها فيه(٥).
  ومعنى لا يسع [نحو](٦) المقلد جهلها: لا يجوز له الإخلال بمعرفتها، والظاهر أن هذه العبارة من قبيل الاستعارة بالكناية، شَبَّه الجهل بالمكان الضيق تشبيهًا مضمرًا في النفس، ولم يذكر من أركان التشبيه سوى المشبه وهو الجهل، ثم أثبت له ما يختص بالمكان الضيق من اللوازم وهو عدم السعة؛ لما يجعل فيه، والله أعلم.
  والدليل على وجوب معرفة هذه المقدمة على كل من أراد التقليد أنها تتضمن بيان من يجوز له التقليد ومن لا يجوز، ومن يجوز تقليده ومن لا، وما يجوز فيه التقليد وما لا؛ إذ مع الجهل بذلك لا يأمن أن يقلد من لا يجوز تقليده، أو فيما لا يجوز التقليد فيه، وذلك قبيح، والإقدام على ما لا يؤمن كونه قبيحا قبيح.
  وأراد بنحو المقلِّد المستفتي والملتزم، وهو مبني على ما اختاره المؤلف أيده الله تعالى في تفسير الثلاثة، وسيأتي إن شاء الله.
(١) عبارة الأزهار: مقدمة لا يسع المقلد جهلها. ينظر شرح الأزهار ١/ ٣.
(٢) في (ج): أو بمعنى.
(٣) ساقطة من (ج).
(٤) في (ج): على العلم به كحده وفائدته واستمداده.
(٥) قال عبد الله بن شرف الدين: شرح مقدمة الأثمار، وفي كونها مقدمة علم أو مقدمة كتاب فرق يذكرونه، وهو في الحقيقة اعتباري. ينظر: هامش شرح الأزهار ١/ ٢.
(٦) ما بين المعقوفتين زيادة من (ب، ج، ش).