باب: [صلاة الجماعة]
  وعن المنصور بالله تصح صفوفًا للعذر، كضيق المكان، ولا يصح كذلك لغير عذر، قيل: وهو أعدل الأقوال(١).
  وأما العراة فكذلك؛ لتوقي نظر العورات؛ إذ لا يمكن الاحتراز من نظرها لو صلوا صفوفًا، فلو صلوا في ظلمة أو كانوا عميانًا صحت صلاتهم صفوفًا؛ لانتفاء علة الفساد. والله أعلم(٢).
  قوله أيده الله: (وإمامهم وسط) أي يجب أن تقف إمامة النساء وإمام العراة في وسط الصف، والمأمومون عن يمين وشمال، فلو تقدمت إمامة النساء فسدت صلاتهن جميعًا؛ لعصيانهن بذلك(٣)؛ ولما حكاه في الشفاء عن علي أنه قال: دخلت أنا ورسول الله ÷ على أم سلمة فإذا عندها نسوة في جانب البيت يصلين، فقال رسول الله ÷: «أي صلاة تصلين»؟ فقالت: يا رسول الله المكتوبة، قال: «أفلا أممتهن». قالت: يا رسول الله، أو يصلح ذلك؟ قال: «نعم، تقومين وسطهن، لا هن أمامك ولا خلفك، ولكن عن يمينك وعن شمالك»(٤). انتهى.
  قيل: ومن أجاز صلاتهن صفوفًا أجاز تقدمها، وكذا(٥) يجب في إمام العراة أن يقف في وسط الصف؛ لما تقدم من وجوب توقي نظر العورة، فلو تقدم فسدت صلاتهم جميعًا، ويجب عليهم أن لا يتلاصقوا، فإن فعلوا فسدت صلاتهم لعصيانهم. حكى معنى ذلك في الغيث(٦). والله أعلم.
فصل: [أحكام فساد الصلاة على الإمام]
  (ولا تفسد على مؤتم بفسادها على إمامه إن عزل فورًا) أي لا تفسد الصلاة على مؤتم بسبب فسادها على إمامه، بجنون، أو فعل كثير، أو حدث سهوًا كان أو عمدًا، أو غير ذلك، حيث عزل المؤتم صلاته فورًا، عقيب فساد صلاة إمامه، ولم يتابعه بعد ذلك
(١) البحر الزخار ١/ ٣٠٦.
(٢) شرح الأزهار ١/ ٣٠٦.
(٣) شرح الأزهار ١/ ٣٠٦، والبحر الزخار ١/ ٣٠٦.
(٤) شفاء الأوام ١/ ٣٤٣، ومجموع الإمام زيد ص ١٢٦، وأمالي أحمد بن عيسى ١/ ٣٣٢، وابن أبي شيبة ١/ ٤٣٠.
(٥) في (ب، ج): وكذلك.
(٦) شرح الأزهار ١/ ٣٠٦.