باب الوضوء
[الفرض السابع: مسح الرأس والأذنين]
  (ثم مسح كل الرأس والأذنين) هذا هو الفرض السابع، والمذهب وجوب مسح جميع الرأس؛ لظاهر الآية الكريمة(١)، ولما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن عبد الله بن زيد بن عاصم(٢) في صفته لوضوء رسول الله ÷ أنه مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه ... الحديث(٣).
  وعن المقدام بن معدي كرب(٤) قال: رأيت رسول الله ÷ توضأ فلما بلغ مَسْحَ رأسه، وضع كفيه على مقدم رأسه فأَمَرَّهما حتى بلغ القفا ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه. أخرجه أبو داود(٥) ونحوهما كثير.
  قيل: وكيفية المسح المذكور أن يضع راحتيه على مقدم رأسه وإبهاميه(٦) على صدغيه، ويلصق سبابتيه فوق جبينه، ثم يذهب بيديه ويردهما كما في الحديث، والذهاب والرد مسحة واحدة، واستحباب الرد خاص بمن له شعر يتقلب بالذهاب والرد؛ ليصل البلل إلى جميعه.
  أما من لا شعر له أو له شعر لا يتقلب لقصره أو طوله فيقتصر على الذهاب، ويجزئ المسح على الشعر الذي لم ينزل عن(٧) حد الرأس دون ما استرسل منه، فلا يجب مسحه ولا يجزئ.
(١) ينظر: شرح الأزهار ١/ ٨٨، والبحر الزخار ١/ ٦٣، ٦٤، والأحكام في الحلال والحرام ١/ ٤٩، وشرح التجريد ١/ ١٣٥.
(٢) سبقت ترجمته ص ٤٢٠.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الطهارة - باب في وضوء النبي ÷ ص ١٥٤ رقم (٢٣٥)، وأبو داود في سننه - كتاب الطهارة - باب صفة وضوء النبي ÷ ص ٣٨ رقم (١١٨)، وابن ماجة في سننه، كتاب الطهارة - باب ما جاء في مسح الرأس أنه يبدأ بمقدم الرأس إلى مؤخره ص ٦٧ رقم (٤٣٤)، والنسائي في سننه، كتاب الطهارة - باب صفة مسح الرأس ص ٢٠ رقم (٩٧).
(٤) المقدام بن معدي كرب الكندي، وفد إلى النبي ÷ فأسلم، نزل الشام، وسكن حمص، رُوي له عن النبي ÷ عدة أحاديث، توفي بالشام سنة ٨٧ هـ وهو ابن ٩١ سنة. ينظر: تهذيب الكمال ٢٨/ ٤٥٨ رقم (٦١٦٤)، والطبقات الكبرى لابن سعد ٧/ ٤١٥، والتاريخ الكبير ٧/ ٤٢٩ رقم (١٨٨٢).
(٥) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطهارة - باب صفة وضوء النبي ÷ ص ٣٨ رقم (١٢٢)، وأحمد في مسنده ٤/ ٩٤.
(٦) في (الأصل، ب): وإبهاماه، وهو خطأ.
(٧) في (ب، ج): على حد.