كتاب الطهارة
  «الماء طهور لا ينجسه شيء»، وقد تقدم. وخرج من عموم هذا الخبر ما غيرت النجاسة أحد أوصافه بالإجماع كما مر](١).
  ورجح المؤلف أيده الله هذا القول، ولذلك لم يتعرض لحد القليل كما في الأزهار؛ إذ لا فرق عنده بين القليل والكثير في أنه لا ينجسه إلاَّ ما غيرت النجاسة أحد أوصافه.
  ومما استدلوا به على صحة هذا القول عدم تحرز السلف في آنيتهم من [مس](٢) الخدم والصبيان الذين لا يتحرزون من ملامسة النجاسات، وهم الذين يتولون اغتراف الماء وتقريبه في الأغلب، واستعمال السلف ماء الحمامات مع كون الأيدي المتنجسة تتوارد عليه.
  قال مولانا ما معناه -: وأما خبرا(٣) الاستيقاظ، والولوغ فجاءا(٤) على الأغلب؛ لأن الأغلب على الماء الذي يكون في الإناء حصول التغير بنحو غمس اليد والولوغ لقلته. والله أعلم.
  وقوله: "راكدًا" احتراز مما إذا وقعت فيه النجاسة حال كونه جاريا، ولم تغير أحد أوصافه فإنه لا ينجس، ولو كان قليلاً على قول المنصور وأحد قولي الشافعي ومن وافقهما(٥). قالوا: لأن الجريان يمنع من الاختلاط، ويلحقه بالكثرة.
  قال المنصور بالله: ولو صَبَّ رجلٌ كوزًا على أيدٍ متنجسة بعضها فوق بعض طهرت؛ لأنه جارٍ، ولو استرد جماعة للاستنجاء على ماء جار يسير - جاز إذا لم يتغير الماء(٦).
  وفي الغيث عن المؤيد بالله: في نهر قليل ضعيف الجري سدت جانبيه نجاسة حتى علم
(١) في (ج): وخرج من عموم هذا الخبر ما غيرت النجاسة؛ واستدلوا على ذلك بقوله: «الماء طهور لا ينجسه شيء». وقد تقدم إلى أحد أوصافه بالإجماع وقد مر.
انظر: الانتصار ١/ ٢٤٦، والبحر الزخار ١/ ٣١.
(٢) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب).
(٣) في (ب، ج): «وأما خبر»، بدون ألف التثنية.
(٤) في (ج): «فجاء»، بدون ألف التثنية.
(٥) المهذب في فتاوى الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة ص ١٨، والعزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ١/ ٥٦، تأليف: الإمام أبي القاسم عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الرافعي القزويني الشافعي (ت: ٦٢٣ هـ)، تحقيق وتعليق: الشيخ علي محمد معوض، والشيخ عادل أحمد عبد الموجود - دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان - ط ١ (١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م).
(٦) انظر: المهذب في فتاوى الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة ص ٢٢.