باب المياه
  قال: لأن الطاعة مع العمد هي نفس المعصية، وهي الإقدام على التوضؤ بهذا الماء مع اعتقاده أنه غصب.
  و [مولانا](١) المؤلف أيده الله تعالى قوى كلام الحقيني في العمد والخطأ، فلذلك أطلقه ولم يشر إلى ضعفه.
  قال أيده الله: لأن القول بأن الطاعة مع العمد هي نفس(٢) المعصية غير واضح، فإن أكوان التوضؤ ليست نفس الإقدام على القبيح، بل هي أكوان طاعة في نفس الأمر، والقبيح إنما هو فعل قلبي، وهو العزم والتصميم على الفعل، هذا مع اعتقاده أنه معصية، فهو كلو جامع امرأته ظانًا لها غير زوجته، فإنَّ نفس الفعل ليس بمعصية، ولا يكون له حكم الزنا، وإنما المعصية الفعل القلبي، بخلاف الصلاة في الدار المغصوبة فإن أكوانها نفسها هي عين المعصية؛ لأن الأكوان هي نفس استعمال ملك(٣) الغير.
  قال أيده الله: وإذا كنا قد ضعفنا فساد الصلاة وثمة منكر؛ لعدم اتحاد الطاعة والمعصية مع أنها أحد الأضداد الموانع من إنكار المنكر لما لم يتعين للمنع - فأولى وأحرى مثل التوضؤ بالماء الذي ظنه غصبًا فإنه ليس بنفس المعصية، ولا أحد الموانع والأضداد للطاعة، فليتأمل، والله سبحانه أعلم. انتهى كلامه أيده الله تعالى.
  وفي شرح الدواري على اللمع ما لفظه: وجه ما ذكره المؤيد بالله أن القرب من حقها أن تؤدى بنية الطاعة والقربة، ومن توضأ بماء وعنده أنه للغير فلم ينو قربة فلذلك لم يجزه. ويأتي على أصله هذا لو اعتقد في ماء أنه نجس ثم توضأ به، وانكشف أنه طاهر أنه لا يجزئه(٤).
  ووجه قول الآخرين أن الماء إذا كان له فلم يعصِ إلا َّ بالعزم على استعمال ماء الغير، فأما الوضوء في نفسه فهو بمائه و [هو](٥) غير متعدٍ فيه فأجزأه.
  وأما الطرف الثاني: إذا كان الماء لغيره فاعتقد أنه له أو مباح - فوجه [كلام](٦) المؤيد بالله أنه غير عاص بنيته وإقدامه، فلذلك صحت منه القربة، ويغرم لمالك الماء ما
(١) ما بين المعقوفتين من (ج).
(٢) في (ب): هي عين المعصية.
(٣) في (ب): هي نفس استعماله لملك الغير.
(٤) في (ب): أنه طاهر لم يجزه.
(٥) ما بين المعقوفتين من (ب).
(٦) ما بين المعقوفتين من (ج)، وفي (ب): فوجه قول.