كتاب الصلاة
  وفي مهذب الشافعية أن عليًّا كرم الله وجهه صلى ليلة الهرير هكذا(١)، وحكي في التلخيص مثله(٢).
  قال في البحر: قلنا: روايتنا أرجح؛ للعدالة؛ وإذ يحرم العزل إلا لعذر، ولا عذر هنا إلا خشية فوتها على الأخرى. انتهى(٣).
  قوله أيده الله تعالى: (وتفسد بعزل لم يشرع، وبكثير لكاذب، وعلى الأولين بفعلها له) أي تفسد صلاة الخوف على المؤتمين إذا عزلوا حيث لم يشرع العزل(٤)، نحو أن يعزلوا في الثنائية قبل قيام الإمام إلى الركعة الثانية، أو في المغرب قبل قعوده للتشهد الأوسط أو بعده، فإنها تفسد صلاتهم بذلك؛ لمخالفة المشروع، وهو ما تقدم ذكره. ولا تفسد صلاتهم بمجرد نية العزل، بل لا بد أن ينضم إليها فعل ركن بنية الانعزال، فلو أتموا مؤتمين ولم يعزلوا فالأرجح صحة صلاتهم، وكذلك الإمام؛ لعدم ظهور وجه الفساد، ولا سيما في حق الإمام. والله أعلم.
  وتفسد أيضًا صلاة الخوف بأن يفعل المصلي فعلا كثيرًا لخيال كاذب(٥)، نحو أن يخيل إليه أن العدو صال للقتال فينفتل لقتاله انفتالا كثيرا، ثم ينكشف كذب ذلك الوهم، فإن صلاته تفسد بذلك، فيجب عليه إعادتها، ولا يبني على ما قد فعل إذا فعل ذلك لغير(٦) أمارة صحيحة وقصر في البحث، وكذلك لو انصرف العدو، وظنت الطائفة الأولى أنه لم ينصرف، وكان منهم تقصير في البحث. والله أعلم.
  وتفسد أيضًا صلاة الطائفة الأولى خاصة حيث فعلوا صلاة الخوف لخيال كاذب، نحو أن يروا سوادًا، أو يسمعوا جيشا فيظنوه عدوا، فيفتتحوا لأجله صلاة الخوف(٧)،
(١) المهذب ١/ ٣٤٨، وسنن البيهقي ٣/ ٢٥٢ رقم (٥٨٠٤)، باب في السفر إذا كان العدو وجهة القبلة.
(٢) تلخيص الحبير ٢/ ٧٨ قال: حديث أن عليًّا صلى المغرب صلاة الخوف ليلة الهرير بالطائفة الأولى ركعة، وبالثانية ركعتين، وقال: قال البيهقي ٣/ ٢٥٢: ويذكر عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن عليًّا صلى المغرب صلاة الخوف ليلة الهرير، وقال الشافعي: حفظ عن علي أنه صلى صلاة الخوف ليلة الهرير.
(٣) البحر الزخار ٢/ ٥٢.
(٤) البحر الزخار ١/ ٥٣.
(٥) البحر الزخار ٢/ ٥٣.
(٦) في (ج): بغير.
(٧) التحرير ١/ ١١٥ عند الشافعية قولان: أحدهما: تجب الإعادة؛ لأنه فرض لم يسقط بالخطأ. والثاني: لا إعادة عليه، وهو الأصح. المهذب ١/ ٣٥٢.