تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب صلاة العيد

صفحة 424 - الجزء 2

  حتى خرجت مع مروان، وهو أمير المدينة، في أضحى أو فطر، فلما أتينا المصلى إذا منبر قد بناه كثير بن الصلت⁣(⁣١)، فإذا هو يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي، فجذبت بثوبه، فجذبني وارتفع، فخطب قبل الصلاة، فقلت له: غيرتم والله، فقال: أبا سعيد⁣(⁣٢)، ذهب ما تعلم، فقلت: ما أعلم - والله - خير مما لا أعلم، فقال: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة، فخطبتها قبل الصلاة. هذه إحدى روايتي البخاري⁣(⁣٣).

  وعن طارق بن شهاب⁣(⁣٤) قال: أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان، فقام إليه رجل، فقال: الصلاة قبل الخطبة، فقال: قد ترك ما هنالك، فقال أبو سعيد الخدري: أما هذا فقد قضى ما عليه، سمعت رسول الله ÷ يقول: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان». هذه رواية مسلم⁣(⁣٥).

  وقول المؤلف أيده الله تعالى: "في جماعة" وهي من زوائد الأثمار، معناه: إنما تسن الخطبة حيث صليت صلاة العيد جماعة، فأما المنفرد فلا تسن له الخطبة؛ لفوات المقصود بها، وهو إسماع المخاطبين.

  وقوله: "كما مر" يعني في خطبة الجمعة من الواجب والمندوب، إلا أن الخطيب لا


(١) كثير بن الصلت بن معدي كرب الكندي المدني أبو عبد الله، قيل: إنه أدرك النبي ÷، وعده ابن سعد في الطبقة الأولى من التابعين، كان كاتبًا لعبد الملك بن مروان، وكان له دار كبيرة في المدينة في المصلى. تهذيب الكمال ٢٤/ ١٢٧ رقم (٤٩٤٦)، وطبقات ابن سعد ٥/ ١٤.

(٢) في (ب): يا أبا سعيد.

(٣) صحيح البخاري ص ١٨٧ رقم (٩٥٦)، كتاب صلاة العيدين - باب الخروج إلى المصلى بغير منبر، وسنن البيهقي ٣/ ٢٨٠ رقم (٥٩٢٩).

(٤) طارق بن شهاب بن عبد شمس بن سلمة الأحمسي البجلي الكوفي، رأى النبي ÷، وغزا في خلافة أبي بكر، توفي سنة ٨٣ هـ، وقيل: ٨٢ هـ. سير أعلام النبلاء ٣/ ٤٨٦، والإصابة ٢/ ٢١١ رقم (٤٢٢٦).

(٥) صحيح مسلم ص ٨١ رقم (٤٩)، كتاب الإيمان - باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، وأن الإيمان يزيد أو ينقص، وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان، وسنن أبي داود ص ٢٠٠ رقم (١١٣٧)، كتاب الصلاة - باب الخطبة يوم العيد، وسنن النسائي ص ٨٤٠ رقم (٥٠٢٢)، كتاب الإيمان وشرائعه - باب تفاضل أهل الإيمان، وسنن ابن ماجة ص ١٨٨ رقم (١٢٧٥)، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها - باب ما جاء في صلاة العيدين، وسنن البيهقي ٦/ ٩٤ رقم (١١٢٩٣)، باب نصر المظلوم والأخذ على يد الظالم ثم الإمكان، ومسند أحمد بن حنبل ٣/ ١٠ رقم (١١٠٨٨).