تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

[شق البطن لإخراج جنين أو مال]

صفحة 501 - الجزء 2

  قيل: فلو دفنت والولد يتحرك فالقياس أنه يلزم الدافن غرة⁣(⁣١)، ذكر ذلك في الغيث⁣(⁣٢). وإنما قلنا: يشق الجانب الأيسر؛ لأنه أسهل لخروج الولد.

  وقال أبو حنيفة: بل يشق الجانب الأيمن؛ لئلا يجرح الولد⁣(⁣٣).

  وقال مالك⁣(⁣٤)، والشافعي: تستخرجه النساء من الفرج⁣(⁣٥). وكذلك يشق جانب الميت الأيسر لاستخراج مال علم بقاؤه في بطنه. قال في الحفيظ: أو ظُنَّ.

  قال في الغيث: وتحصيل الكلام في ذلك أن ذلك المال لا يخلو: إما أن يدخل بطنه باختياره أولا، إن لم يدخل باختياره، فلا يخلو إما أن يكون من ماله، أو من مال الغير، إن كان من مال الغير فالأقرب وجوب استخراجه، وإن كان من ماله استخرج أيضاً ذكره الفقيه يحيى، سواء كان مستغرقاً أم لا، وسواء كان المال زائداً على الثلث أم لا، وإن دخل باختياره فإن كان للغير بغير رضاه أخرج أيضاً، وإن كان من ماله فإن كان مستغرقاً أخرج أيضاً، وإن لم يكن مستغرقاً فلا يخلو: إما أن يجيز الورثة بقاؤه في بطنه أو لا، إن أجازوا بقى، ولم يجز شقه، وإن لم يجيزوا: فإن جاوز الثلث أخرج، وإن لم يجاوز الثلث لم يخرج، وهذه الصورة هي التي احترزنا منها بقولنا: "غالبًا" فإنه في هذه الحال لا يستخرج عندنا، وذلك حيث يكون الثلث فما دون، ولا دين عليه يستغرق ماله وابتلعه باختياره.

  وقال الإمام يحيى: يستخرج أيضاً؛ لأن في تركه إضاعة مال يغنى، وقد ورد النهي عن إضاعة المال⁣(⁣٦).

  وقوله: "ثم يخاط" أي يخاط ذلك الشق عقيب استخراج المال بخيط وثيق، وظاهر كلامهم وجوب ذلك؛ للمحافظة على الطهارة، ولذلك ينبغي [أن يكون]⁣(⁣٧) الشق قبل الغسل⁣(⁣٨). والله أعلم.


(١) الغُرَّةُ: العبد والأمة. مختار الصحاح ص ٢٥٩.

(٢) شرح الأزهار ١/ ٤٠١.

(٣) مختصر اختلاف العلماء ١/ ٤٠٢.

(٤) قال في المدونة ١/ ٢٦٥: قلت: أيبقر بطن الميتة إذا كان جنينها يضطرب في بطنها؟ قال: لا؛ قال سحنون: وسمعت أن الجنين إذا استُوقِنَ بحياته، وكان معقولا معروف الحياة فلا بأس أن يبقر بطنها ويستخرج الولد.

(٥) روضة الطالبين ص ٢٤١.

(٦) الانتصار ٤/ ٧٢٠، والبحر الزخار ٢/ ٨٨، وشرح الأزهار ١/ ٤٠١ - ٤٠٢.

(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).

(٨) ينظر: شرح الأزهار ١/ ٤٠٢، وعند الشافعية: فيمن ابتلع جوهرة لغيره وطالب صاحبها شق جوفه ردت الجوهرة، وإن كانت الجوهرة له فعنه وجهان: أحدهما: يشق؛ لأنها صارت للورثة، والثاني: لا يشق؛ لأنه استهلكها في حياته. المهذب ١/ ٤٥٢، وروضة الطالبين ص ٤٣٨.