تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

فصل: [من يغسل ومن لا يغسل]

صفحة 513 - الجزء 2

  ثعلبة⁣(⁣١)، قال: قال رسول الله ÷: «زملوهم بدمائهم، فإنه ليس أحد يكلم في سبيل الله إلا أتى يوم القيامة جرحه بدم لونه لون الدم⁣(⁣٢)، وريحه ريح المسك». أخرجه النسائي، وفي ذلك أحاديث أخر⁣(⁣٣).

  وقوله: "مكلف" احتراز من الصبي والمجنون؛ فإنهما يغسلان إذا كانا مسلمين ولو قتلا مع أهل الحق⁣(⁣٤).

  وقوله: "ذكر" احتراز من الأنثى؛ فإنها تغسل، ولو قتلت في الجهاد. هذا هو المذهب، وهو قول الشافعي⁣(⁣٥).

  وقال أبو حنيفة: يغسل الصبي لا المرأة⁣(⁣٦)، وقيل: إذا احتيج إلى المرأة في الجهاد لم تغسل⁣(⁣٧).

  قوله: "في المعركة" معناه قتل في المعركة، وهو احتراز ممن يسمى شهيدا لا لأجل القتل، كالغريق ونحوه ممن ورد الحديث⁣(⁣٨) بأنهم شهداء؛ فإنهم يُغْسَلُونَ إجماعًا ولو سموا شهداء⁣(⁣٩)، كما رواه أبو هريرة. قال: قال رسول الله ÷: «ما تعدون الشهيد فيكم»؟ قالوا: يا رسول الله: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، قال: «إن شهداء أمتي إذًا لقليل»، قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: «من قتل


(١) عبد الله بن ثعلبة بن صُعَيْرٍ المدني العذرعي، ولد قبل الهجرة، وقيل: بعدها، وله رؤية، توفي سنة ٨٧ هـ. قال البخاري: روايته عن النبي مرسلة. الإصابة ٢/ ٢٧٦ رقم (٥٤٧٦)، والاستيعاب ٣/ ١٢ رقم (١٤٩٦)، وتهذيب التهذيب ٥/ ١٦٦.

(٢) في (ج): لون دم.

(٣) سنن النسائي ص ٣٤٧ رقم (٢٠٠١)، كتاب الجنائز - باب مواراة الشهيد في دمه، والفردوس بمأثور الخطاب للديلمي ٢/ ٢٩٤ رقم (٣٣٤٢).

(٤) ينظر: التذكرة الفاخرة ص ١٤٤، وشرح الأزهار ١/ ٤٠٥.

(٥) قال في روضة الطالبين ص ٢٢٩: ولا فرق عندنا بين الرجل والمرأة والحر والعبد والبالغ والصغير، قلت: غسل المرأة أو عدمه هو قول مالك، ومحمد بن الحسن، وأبي يوسف، والحنابلة. ينظر: عيون المجالس ١/ ٤٥٧، وشرح فتح القدير ٢/ ١٠٧، والمغني ٢/ ٤٠٢.

(٦) شرح فتح القدير ٢/ ١٠٧.

(٧) لم أهتد إلى القائل، وينظر المصادر السابقة.

(٨) في (ج): في الحديث.

(٩) التذكرة الفاخرة ص ١٤٤، والتحرير ١/ ١٢٤، وشرح الأزهار ١/ ٤٠٦، وروضة الطالبين ص ٢٢٩، وبدائع الصنائع ١/ ٣٢٠.