فصل: [من يغسل ومن لا يغسل]
  ثعلبة(١)، قال: قال رسول الله ÷: «زملوهم بدمائهم، فإنه ليس أحد يكلم في سبيل الله إلا أتى يوم القيامة جرحه بدم لونه لون الدم(٢)، وريحه ريح المسك». أخرجه النسائي، وفي ذلك أحاديث أخر(٣).
  وقوله: "مكلف" احتراز من الصبي والمجنون؛ فإنهما يغسلان إذا كانا مسلمين ولو قتلا مع أهل الحق(٤).
  وقوله: "ذكر" احتراز من الأنثى؛ فإنها تغسل، ولو قتلت في الجهاد. هذا هو المذهب، وهو قول الشافعي(٥).
  وقال أبو حنيفة: يغسل الصبي لا المرأة(٦)، وقيل: إذا احتيج إلى المرأة في الجهاد لم تغسل(٧).
  قوله: "في المعركة" معناه قتل في المعركة، وهو احتراز ممن يسمى شهيدا لا لأجل القتل، كالغريق ونحوه ممن ورد الحديث(٨) بأنهم شهداء؛ فإنهم يُغْسَلُونَ إجماعًا ولو سموا شهداء(٩)، كما رواه أبو هريرة. قال: قال رسول الله ÷: «ما تعدون الشهيد فيكم»؟ قالوا: يا رسول الله: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، قال: «إن شهداء أمتي إذًا لقليل»، قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: «من قتل
(١) عبد الله بن ثعلبة بن صُعَيْرٍ المدني العذرعي، ولد قبل الهجرة، وقيل: بعدها، وله رؤية، توفي سنة ٨٧ هـ. قال البخاري: روايته عن النبي مرسلة. الإصابة ٢/ ٢٧٦ رقم (٥٤٧٦)، والاستيعاب ٣/ ١٢ رقم (١٤٩٦)، وتهذيب التهذيب ٥/ ١٦٦.
(٢) في (ج): لون دم.
(٣) سنن النسائي ص ٣٤٧ رقم (٢٠٠١)، كتاب الجنائز - باب مواراة الشهيد في دمه، والفردوس بمأثور الخطاب للديلمي ٢/ ٢٩٤ رقم (٣٣٤٢).
(٤) ينظر: التذكرة الفاخرة ص ١٤٤، وشرح الأزهار ١/ ٤٠٥.
(٥) قال في روضة الطالبين ص ٢٢٩: ولا فرق عندنا بين الرجل والمرأة والحر والعبد والبالغ والصغير، قلت: غسل المرأة أو عدمه هو قول مالك، ومحمد بن الحسن، وأبي يوسف، والحنابلة. ينظر: عيون المجالس ١/ ٤٥٧، وشرح فتح القدير ٢/ ١٠٧، والمغني ٢/ ٤٠٢.
(٦) شرح فتح القدير ٢/ ١٠٧.
(٧) لم أهتد إلى القائل، وينظر المصادر السابقة.
(٨) في (ج): في الحديث.
(٩) التذكرة الفاخرة ص ١٤٤، والتحرير ١/ ١٢٤، وشرح الأزهار ١/ ٤٠٦، وروضة الطالبين ص ٢٢٩، وبدائع الصنائع ١/ ٣٢٠.