كتاب الجنائز
  وعن أبي حنيفة أنه يكره الكافور(١).
  قلنا: أمر به النبي ÷ في حديث غسل ابنته أم كلثوم -(٢)، وسيأتي.
  وإنما يغسل عندنا بالكافور إذا لم يكن محرمًا، وأما المحرم فيغسل الثالثة بالقراح؛ لبقاء حكم الإحرام عليه [عندنا](٣)، خلافا لأبي حنيفة(٤).
  فائدة: مذهب العترة والحنفية أن الميت لا يمشط شعره، ولا يحلق، ولا تقلم أظفاره، ولا يختن؛ لأن كلا منهما بعض منه(٥)؛ ولما روي عن عائشة أنها قالت لنسوة مشطن امرأة ميتة: مالكن تصنعن بموتاكن هكذا؟! منكرةً لذلك، والظاهر أنه توقيف(٦).
  وقيل: يجوز(٧) لما روي عن النبي ÷ أنه قال: «اصنعوا بموتاكم كما تصنعون بعروسكم»(٨).
(١) شرح فتح القدير ٢/ ٧٣.
(٢) ونصه: أن ليلى بنت قانف الثقفية قالت: كنت فيمن غسل أم كلثوم ابنة رسول الله ÷ عند وفاتها، فكان أول ما أعطانا رسول الله ÷ الحقاء، ثم الدرع، ثم الخمار، ثم المِلْحَفَةَ، ثم أدرجت بعد في الثوب الآخر، قالت: ورسول الله جالس عند الباب معه كفنها، يناولنا ها ثوبًا ثوبًا. أخرجه أبو داود في سننه ص ٥٤٣ رقم (٣١٥٥)، كتاب الجنائز - باب في كفن المرأة، وسنن ابن ماجة ص ٢١٦ رقم (١٤٥٨)، كتاب الجنائز - باب ما جاء في غسل الميت. قال الألباني في إرواء الغليل ٣/ ١٧٣: ضعيف.
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).
شرح الأزهار ١/ ٤١٣، وبه قال الشافعية. روضة الطالبين ص ٢٢٤.
(٤) مختصر الطحاوي ص ٤٠.
(٥) الأحكام ١/ ١٦٥، والتحرير ١/ ١٢٦، والبحر الزخار ٢/ ١٠١، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ١٧٩، ومختصر الطحاوي ص ٤٠، وبدائع الصنائع ١/ ٣٠١، الآثار لمحمد بن الحسن ٢/ ٢٥.
(٦) روى عبد الرزاق في مصنفه ٣/ ٤٣٧ رقم (٦٢٣٢)، كتاب الجنائز - باب شعر الميت وأظفاره، عن عائشة أنها رأت امرأة يَكُدُّونَ رأسها، فقالت: علا م تُنِصُّونَ [تمشطون] ميتكم؟ وعنه سنن البيهقي ٣/ ٣٩٠ رقم (٦٢٣٢)، كتاب الجنائز - باب المريض يؤخذ من أظفاره وعانته، وينظر: تلخيص الحبير ٢/ ٢٠٦.
(٧) وبه قال الشافعي. الأم ٣/ ٣٦٢، والحاوي ٣/ ١٧٣، وذهب بعض أصحاب الشافعي إلى أنه يحلق رأسه إن كان اعتاده. المجموع ٥/ ١٤٢، والحاوي ٣/ ١٧٤، وروضة الطالبين ص ٢٢٤.
(٨) قال ابن حجر في تلخيص الحبير ٢/ ٢٥١: هَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ بِلَفْظِ: «افْعَلُوا بِمَوْتَاكُمْ مَا تَفْعَلُونَ بِأَحْيَائِكُمْ»،. وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِقَوْلِهِ: بَحَثْت عَنْهُ فَلَمْ أَجِدْهُ ثَابِتًا، وَقَالَ أَبُو شَامَةَ فِي كِتَابِ السِّوَاكِ: هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ. انْتَهَى. وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرٍ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيّ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَسَأَلْتُ عَنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: "اصْنَعْ بِمَيِّتِك كَمَا تَصْنَعُ بِعَرُوسِك غَيْرَ أَلَّا تَجْلُوَ"،. وَأَخْرَجَهُ أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ لَهُ، وَزَادَ فِيهِ: فَدَلُّونِي عَلَى بَنِي رَبِيعَةَ فَسَأَلْتهمْ فَذَكَرَهُ. وَقَالَ: غَيْرَ أَلَّا تُنَوِّرَ. وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، لَكِنْ ظَاهِرُهُ الْوَقْفُ.