تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

[حقيقة الحي]

صفحة 112 - الجزء 1

  قوله: (وملزم عقول العاقلين لهاتين الصفتين تبعية سائر الصفات المقدسات غالبًا لزوم التابع للمتبوع).

  قال مولانا أمير المؤمنين أيده الله ونصره ما لفظه: اعلم أن هاتين الصفتين هما أصل العلم والعمل، والملك والحمد، والخلق والأمر، ولهما أسرار وعجائب، وأنوار يضيق عن بيان بعضها وسيع الأسفار، ويقصر عن الإتيان بالقليل منها طوق الاستكثار.

  قال أيده الله ونصره: وقد مَنَّ الله سبحانه وتعالى في حال إنشاء هذه الخطبة المباركة بنفثة من أسرارهما، ولمعة من أنوارهما.

  ثم ذكر ما حاصله أنه يتفرع⁣(⁣١) عنهما مع مسألة إثبات الصانع سائر مسائل أصول الدين، وبيان ذلك أن كل واحدة منهما تدل على كونه تعالى حيًّا؛ إذ القادر لا يكون إلا حيًّا، وكذلك العالم.

[حقيقة الحي]

  وحقيقة الحي: هو من يصح أن يقدر ويعلم، ويتفرع عنهما أيضًا كونه موجودًا؛ لأن القادر العالم له تعلق بمقدوره ومعلومه، والعدم يحيل التعلق، [ثم لو]⁣(⁣٢) كان محدثًا لكان جسمًا أو عرضًا، فكان لا يصح منه إيجاد العالم؛ لأن الجسم لا يقدر على إحداث جسم، وإلاَّ لصح منا إيجاد الأجسام، ونحن نعلم استحالة ذلك منا؛ والعرض ليس بحيٍّ ولا قادر، فكيف يصح منه إيجاد العالم، وإذا بطل كونه محدثًا - وجب [أن يكون]⁣(⁣٣) قديمًا؛ إذ لا واسطة بينهما. وهذه الصفات الأربع، وهي: كونه قادرًا، عالماً، حيًّا، قديماً، يستحقها الباري تعالى لذاته⁣(⁣٤)؛ والدليل على ذلك: أنه لا يخلو إما أن يستحقها [لذاته


(١) في (ج): أنه ليتفرع.

(٢) في (ب): ولو كان.

(٣) في (ب، ج): كونه.

(٤) اختلف في مسألة صفاته تعالى على عشرة أقوال: الأول: صفاته تعالى ذاته. وبه قال أئمة أهل البيت. الثاني: أنها لعدم صفة النقص، فعالم لكونه غير عاجز. روي عن جماعة من أهل البيت. الثالث: أنها مزايا اعتبارية فقط غير صفة الوجود؛ فهي نفس الموجود، وهو قول أبي الحسين البصري المعتزلي وأتباعه. الرابع: أنها أمور زائدة على الذات، لا هي الموصوف ولا غيره ولا شيء، وهي مقتضاة عن الذات عند أبي علي الجبائي وأتباعه، وعن الصفة الأخص عند أبي هاشم وأتباعه. الخامس: أنه تعالى يستحقها لمعان زائدة أزلية، وهو قول الكلابية. السادس: أنه يستحقها لمعان قديمة قائمة بذات الباري سبحانه وتعالى، وهو =