تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

[مسائل التوحيد]

صفحة 113 - الجزء 1

  أو لمعان معدومة أو موجودة قديمة أو محدثة أو بالفاعل، لا يجوز أن يستحقها]⁣(⁣١) لمعان معدومة لمعانٍ معدومة؛ إذ لا تأثير لمعدوم، ولا لمعانٍ قديمة؛ لأن قدمها يوجبُ مماثلتها للباري تعالى وتماثلها في ذات بينها - فيلزم كونُ كل واحدٍ منها إلهًا: قدرةً علمًا حياةً؛ لأن القِدَمَ صفةٌ ذاتيةٌ، والاشتراك في صفة الذات يقتضي التماثل كما هو معلوم، ولا يجوز أن يستحقها لمعانٍ محدثة ولا بالفاعل؛ لأنه يلزم من ذلك أن لا تكون ثابتة له تعالى في الأزل، وذلك معلوم البطلان، فلم يبق إلاَّ أنه يستحقها لذاته كما نقول.

  وأما كونه سميعًا بصيرًا فراجعة إلى كونه حيًّا لا آفة به، وأما كونه تعالى مُدْرِكًا لجميع المدركات فهي أيضًا صفة مقتضاة عن كونه حيًّا بشرط وجود المُدْرَكِ، وقد علمت أن العلم بكونه حيًّا فرعٌ على العلم بكونه قادرًا عالمًا، فهذه جملة الصفات الإثباتية الواجبة للباري عز سلطانه.

[مسائل التوحيد]

  وأما الصفات السلبية: فمنها: أنه لا ثاني للباري تعالى يماثله في ذاته، ويشاركه في صفاته على الحد الذي يستحقه، وسيأتي الدليل على ذلك، وهي مما استثناها الإمام أيده الله بقوله: «غالبا». ومنها: أنه تعالى ليس بجسم ولا عرض؛ لأن الأجسام والأعراض جميعها⁣(⁣٢) مُحْدَثة، فيكون من جملة العالم، وقد ثبت أنه تعالى صانع العالم، وأنه قديم ليس بمحدث كما تقدم. ومنها: أنه تعالى ليس بذي مكان ولا انتقال في الجهات؛ لأن ذلك يستلزم الجسمية المستلزمة للحدوث، وقد مر بطلان ذلك. ومنها: أنه لا تجوز عليه الرؤية⁣(⁣٣)؛ لأنها تستلزم كونه تعالى جسمًا أو حالاًّ في الجسم؛ لدليل الموانع⁣(⁣٤)،


= قول الأشعرية. وعندهم بعد هذا القول تفصيل. السابع: قول الكرامية: أنه تعالى يستحقها لمعان قديمة أغيار لله تعالى حالة في ذاته، وهو قول الكرامية. الثامن: أنه يستحقها لمعان لا توصف بقدم ولا غيره، وهو قول الصفاتية، ونسب إلى سليمان بن جرير وبعض أصحابه. التاسع: أنها غير الله، وأنها محدثة بعلم محدث، وهو قول هشام بن الحكم ومن معه من الروافض، وجهم بن صفوان ومن معه من المجبرة. العاشر: قول الباطنية - أقماهم الله - وهو أنهم لا يصفونه بنفي ولا إثبات. اهـ. مختصر من لوامع الأنوار ٣/ ١٨٦ - ٢٠١.

(١) ما بين المعقوفتين من (ب، ج).

(٢) في (ب، ج): جميعًا.

(٣) ذهب جمهور أهل السنة إلى إثبات رؤية الله تعالى للمؤمنين في الجنة. وخالفهم في ذلك أئمة الزيدية، والمعتزلة، والإباضية، والإمامية، وبعض من الحنفية، كالجصاص، وقد روي عن عائشة، ومجاهد، وأبي صالح السمان، وعكرمة. ينظر: صحيح شرح العقيدة الطحاوية، للعلامة حسن السقاف - دار الإمام النووي - ط ٣ (١٤٢٧ هـ/٢٠٠٦ م) ص ٥٨٤، وأحكام القرآن للجصاص ٣/ ٤ - ٥.

(٤) دليل الموانع: أن يقال: لو كان الباري تعالى جسمًا يُرى في حالٍ من الأحوال لرأيناه الآن؛ لوجود شرائط الإدراك =