فصل: [في دفن الميت وكيفيته ومندوباته]
  فأما إذا جعل في حقة أو نحوها على وجه يؤمن من تنجيسه فلا بأس بذلك، وتركه أحوط(١).
  ومنها: أنه يستحب الوقوف على القبر بعد كمال الدفن(٢)، وقراءة ما تيسر من القرآن، والدعاء للميت بالتثبيت؛ لما روي عن النبي ÷ أنه كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، وقال: «استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل» رواه أبو داود، والبزار، والحاكم(٣).
  قيل: ويستحب أيضًا تلقين الميت(٤)؛ لما رواه الطبراني عن أبي أمامة أنه قال: إذا أنا مت فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله ÷ أن نصنع بموتانا، أمرنا رسول الله ÷ فقال: «إذا [مات] أحد من إخوتكم(٥) فسويتم التراب على قبره فليقم أحدكم على رأس قبره، ثم ليقل: يا فلان بن فلانة، فإنه يسمعه ولا يجيب، ثم يقول: يا فلان بن فلانة، فإنه يستوي قاعدًا، ثم يقول: يا فلا ن بن فلانة فإنه، يقول: أرشدنا يرحمك الله، ولكن لا تشعرون، فليقل: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأنك رضيت بربك ربا، وبالإسلام دينا، ومحمد(٦) نبيا، وبالقرآن إمامًا، فإن منكرًا ونكيرًا يأخذ(٧) كل واحد منك(٨) صاحبه ويقول: انطلق بنا ما يقعدنا عند واحد(٩) لقن حجته؟ فقال رجل: يا رسول الله، فإن لم يعرف أمه، قال: «تنسبه إلى أمه حواء، يا فلان بن حواء»(١٠).
(١) قال في الانتصار ٤/ ٧١٣: ويكره أن يدفن معه مصحف، أو يوضع على صدره وفي عنقه، ويكره أن يكتب في الأكفان شيء من القرآن؛ لأن هذا يؤدي إلى تنجيس المصحف بالصديد والقيح. وإنما كرهت هذه الأمور كلها لما فيها من مخالفة السنة.
(٢) روضة الطالبين ص ٢٣٧، والانتصار ٤/ ٧٢١.
(٣) سنن أبي داود ص ٥٥٣ رقم (٣٢١٩)، كتاب الجنائز - باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف، ومسند البزار ٢/ ٩١ رقم (٤٤٥)، والمستدرك على الصحيحين ١/ ٥٢٦ رقم (١٣٧٢)، وسنن البيهقي ٤/ ٥٦ رقم (٦٨٥٦)، باب ما يقال بعد الدفن، وتلخيص الحبير ٢/ ١٣٥ رقم (٧٩٦).
(٤) روضة الطالبين ص ٢٣٧.
(٥) في (ب، ج): من إخوانكم.
(٦) في (ب، ج): وبمحمد نبيا.
(٧) في (ب): يأخذا.
(٨) في (ب، ج): كل واحد منهما بيد صاحبه.
(٩) في (ب): عند من لقن.
(١٠) المعجم الكبير للطبراني ٨/ ٢٤٩ رقم (٧٩٧٩)، ومجمع الزوائد ٢/ ٣٢٤، باب تلقين الميت لا إله إلا الله، وتلخيص الحبير ٢/ ١٣٥.