الله ÷: «لما فرغت مما أمرني به من أمر السماوات والأرض، قلت: يا رب إنه لم يكن نبي قبلي إلاَّ وقد كرمته، جعلت إبراهيم خليلاً، وموسى كليمًا، وسخرت لداود الجبال، ولسليمان الريح والشياطين، وأحييت لعيسى الموتى، فما جعلت لي؟ قال: أوليس قد أعطيتك أفضل من ذلك كله؟ أن لا أذكر إلاَّ وذُكِرتَ معي، وجعلت صدور أمتك مصاحفا⁣^(⁣١) يقرأون القرآن ظاهرًا، ولم أعطها أمةً قبلهم، وأعطيتك كنزًا من كنوز عرشي لا حول ولا قوة إلا بالله»⁣^(⁣٢).

  قلت: وقرأت في كتاب الشفاء المنسوب⁣^(⁣٣) إلى القاضي عياض⁣^(⁣٤) ما لفظه: ومن رواية ابن وهب⁣^(⁣٥) أنه # قال: قال الله تعالى: «سل يا محمد، فقلت: ما أسأل يا رب⁣^(⁣٦): اتخذت إبراهيم خليلاً، وكلمت موسى تكليمًا، واصطفيت نوحًا، وأعطيت سليمان ملكًا لا ينبغي لأحدٍ من بعده» قال الله تعالى: «ما أعطيتك خير من ذلك: أعطيك الكوثر، وجعلت اسمك مع اسمي يُنادى به في جوف السماء، وجعلت الأرض طهورًا لك ولأمتك، وغفرت لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فأنت تمشي في الناس مغفورًا لك، ولم أصنع ذلك لأحد قبلك، وجعلت قلوب أمتك مصاحفها⁣^(⁣٧)، وخبأت لك شفاعتك ولم أخبأها لنبي غيرك»⁣^(⁣٨).

(١) في ابن كثير والدر المنثور: وجعلت صدور أمتك أناجيل.

(٢) الدر المنثور ٦/ ٦١٦ وعزاه إلى أبي نعيم في الدلائل.

(٣) أراد المؤلف تمييزه عن شفاء الأوام للأمير الحسين بن بدر الدين.

(٤) أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي السبتي المالكي، ولد سنة (٤٧٦ هـ) في مدينة سبتة، وتولى القضاء فيها، كان إمامًا في الفقه، والتفسير، والحديث، وسائر العلوم، وكان شاعرًا وخطيباً، له قرابة ٣٠ مؤلفا، منها الإكمال في شرح صحيح مسلم، والشفاء، وغيرها، توفي سنة (٥٥٤ هـ). الأعلام ٥/ ٩٩، ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحالة ٢/ ٥٨٨ رقم (١٠٥٧٥)، وسير أعلام النبلاء ٢٠/ ٢١٢ رقم (١٣٦).

(٥) هو عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي الفهري، أبو محمد المصري، الفقيه، شيخ أهل مصر، وأحد الحفاظ الثقات، ولد سنة ١٢٥ هـ، كان عالما، فقيها، صالحا، عابدا، كثير العلم. قال ابن عدي: عبد الله بن وهب من أجلَّة الناس ومن ثقاتهم، وحديث الحجاز ومصر وما إلى تلك البلاد يدور على رواية ابن وهب، توفي سنة ١٩٧ هـ. انظر: تهذيب الكمال ١٦/ ٢٧٧ رقم (٣٦٤٥)، وتهذيب التهذيب، لأبي الفضل شهاب الدين أحمد علي بن حجر العسقلاني (ت: ٨٥٢ هـ) - ط ١ (١٤١٥ هـ) ٦/ ٦ رقم ٣٨١٨، وميزان الاعتدال ٢/ ٢٨٦ رقم (٦٣٠)، والجرح والتعديل ٥/ ١٨٩ رقم (٨٧٩).

(٦) في (ب): ما أسألك يا رب.

(٧) في (ب): مصاحفا.

(٨) الشفاء بتعرف حقوق المصطفى، للقاضي عياض بن موسى اليحصبي الأندلسي - دار الفيحاء - عمان - ط ٢ (١٤٠٧ هـ/١٩٨٦ م). ١/ ٣٣٢.