كتاب الجنائز
  ويقول: السلام عليك يا فلان، ويقرأ سورة الإخلاص ثلاث عشرة مرة، ويدعو بالمأثور من الأذكار، منها: الحمد لله الذي لا يبقى إلا وجهه، ولا يدوم إلا ملكه ... إلى آخره.
  ثم يدعو للميت عقيب ذلك؛ لأن الدعا للميت ينفعه، وهو عقيب القراءة أقرب إلى الإجابة.
  وأما وصول ثواب القراءة إليه(١) فسيأتي الكلام على ذلك في الوصايا إن شاء الله تعالى.
  ويكره للزائر مسح لوح القبر، والتماس أركانه، والتخطيط على ترابه، ونحو ذلك، كما يفعله العوام؛ لأن ذلك جميعه بدعة، وكل بدعة ضلاله.
  فائدة: في الحديث المذكور دلالة على أن السلام على الميت كالسلام على الحي في تقديم لفظ «السلام» على لفظ(٢) «عليكم» خلاف ما كان عليه أهل الجاهلية من تأخير لفظ السلام، كقوله:
  عَلَيكَ سَلامُ اللَهِ قَيسَ بنَ عاصِمٍ(٣) ... وَرَحمَتُهُ ما شاءَ أَن يَتَرَحَّما(٤)
  وقوله ÷: «دار قوم مؤمنين» معناه أهل(٥) دار قوم، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وهو منصوب على النداء أو الاختصاص. قيل: ويجوز جره على البدل من الضمير في "عليكم".
  وقوله ÷: «وإنا إن شاء الله بكم لاحقون» التقييد فيه بالمشيئة
(١) أما عند أحمد بن حنبل فقال في الكافي في فقه أحمد بن حنبل ص ١٧٦: إذا دعا إنسان لميت أو تصدق عنه أو قضى عنه دينا واجبًا عليه نفعه بلا خلاف، وقال أيضًا: إن فعل عبادة بدنية كالقراءة، والصلاة، والصوم، وجعل ثوابها للميت نفعه أيضًا؛ لأنه إحدى العبادات فأشبهت الواجبات؛ ولأن المسلمين يجتمعون في كل مصر ويقرأون ويهدون لموتاهم، ولم ينكره منكر، فكان إجماعا، ومثله عند الشافعية. ينظر: روضة الطالبين ص ٢٣٨.
(٢) في (ج): على لفظة عليكم.
(٣) قيس بن عاصم المنقري، أبو علي، أحد أمراء العرب وعقلائهم، والموصوفين بالحلم والشجاعة، وقد حرم على نفسه الخمر في الجاهلية، وفد على النبي ÷ سنة ٩ هـ، وأسلم، واستعمله النبي على صدقات قومه، توفي سنة ٢٠ هـ. ينظر: أسد الغابة ٤/ ٤١١ رقم (٤٣٧٠)، والاستيعاب ٣/ ٣٣٥ رقم (١٣٢٢).
(٤) البيت لـ عبدة بن الطيب في رثاء قيس بن عاصم. الشعر والشعراء لابن قتيبة ٢/ ٧٢٨.
(٥) في الأصل: أهل أهل دار.