تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

[شرح مقدمة الأثمار]

صفحة 157 - الجزء 1

  إليه اجتهاده، ولا يجوز له الرجوع إلى غيره، بخلاف غير المجتهد فإن فرضه التقليد؛ لعدم تمكنه مما تمكن منه المجتهد؛ ولقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}⁣(⁣١).

  الصورة الثانية: في العملي المترتب على علمي فإنه لا يجوز التقليد فيه كما تقدم ذكره.

  وقوله: «للإجماع» أي إنما جاز التقليد فيما تقدم ذكره للإجماع من الصدر الأول ومن يليهم؛ إذ لم يؤثر⁣(⁣٢) عن أحد منهم الإنكار على المقلدين فيما ذكروا، ولا ألزموهم البحث عن الأدلة والنظر فيها من دون فرق بين ظني وقطعي.

  وذهب الجعفران⁣(⁣٣) إلى منع التقليد مطلقا، وقالا: يجب على العامي أن يسأل العالم عن دليل الحكم ونحو ذلك. وقال أبو علي: يجوز التقليد في الظنية دون القطعية؛ إذ الحق فيها مع واحد، فلا يأمن تقليد المخطئ [وذلك لا يجوز كما تقدم]⁣(⁣٤).

  ورد بما تقدم من الإجماع، وبأن ذلك تكليفه فلا يضره معه تجويز الخطأ كالمجتهد الذي لا يأمن الخطأ في اجتهاده.


(١) سورة النحل: ٤٣.

(٢) في (ج): إذ لولم يؤثر.

(٣) الجعفران هما: جعفر بن مُبَشِّر بن أحمد بن محمد أبو محمد، أحد متكلمي المعتزلة البغدادية، له كتب مصنفة في الكلام، وكان من الزهاد النساك، توفي سنة ٢٣٤ هـ. ينظر: تاريخ بغداد ٧/ ١٦٢، وفضل الاعتزال، للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني، تحقيق: فؤاد سيد - الدار التونسية للنشر - ط ٢ (١٩٨٦ م - ١٤٠٦ هـ) ص ٢٨٣، والمنية والأمل ص ١٧٥.

جعفر بن حرب، وهو من متكلمي المعتزلة البغدادية، درس على أبي الهذيل، وكان جعفر بن حرب زاهدا ورعا عالما، توفي سنة ٢٦٦ هـ، له مؤلفات منها: كتاب الإيضاح، ونصيحة العامة، والمسترشد، وكتاب التعليم، والأصول الخمسة، والديانة. فضل الاعتزال ص ٢٨١، والمنية والأمل ص ١٧٥.

(٤) في (ج): وذلك قبيح لا يجوز. وينظر: المعتمد ٢/ ٣٦٠، وصفوة الاختيار ص ٣٧٥، والإبهاج ٣/ ١٩٠٣.