وقوله: "غالبا" احتراز من صورتين:

  أحدهما: في المجتهد، فإنه لا يجوز له التقليد مطلقًا على الصحيح⁣^(⁣١). وقيل: يجوز له مطلقا⁣^(⁣٢)، وقال محمد [بن الحسن⁣^(⁣٣)]⁣^(⁣٤): يجوز له تقليد الأعلم. وقال أبو علي⁣^(⁣٥): يجوز إذا كان الأعلم صحابيا، وقيل: يجوز فيما [يضيق فيه وقته]⁣^(⁣٦) [عن]⁣^(⁣٧) الاجتهاد في الحال، وقيل: يجوز فيما يخصه فقط⁣^(⁣٨)، وهذا الخلاف إنما هو قبل أن يجتهد في الحادثة، وأما بعد ذلك فلا يجوز له أن يعمل بغير ما أداه إليه اجتهاده إجماعًا⁣^(⁣٩).

  والدليل على ما اختاره أهل المذهب، وهو قول الأكثر من عدم جواز التقليد للمجتهد مطلقا، وأنه متمكن من تحصيل العلم أو الظن بالنظر في الأدلة والأمارات، فهو متعبد بما أداه

(١) وهو قول الأكثر. ينظر المعتمد ٢/ ٣٦٦، والبرهان ٢/ ١٣٣٩، والوصول إلى الأصول ٢/ ٣٦٢.

(٢) وهو قول أحمد، وسفيان، وإسحاق. ينظر: المصادر السابقة.

(٣) محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني بالولاء، الفقيه الحنفي، أبو عبد الله، ولد بواسط في العراق سنة (١٣٠ هـ)، وقيل: (١٣١ هـ) ونشأ بالكوفة، وطلب الحديث، وحضر مجلس أبي حنيفة سنتين، ثم تفقه على يد أبي يوسف صاحب أبي حنيفة، ولاه الرشيد القضاء بالرقة، ثم عزله، ولما خرج الرشيد إلى خرسان صحبه فمات بالري سنة (١٨٩ هـ). وله: «الجامع الصغير» و «الجامع الكبير» وغيرها. انظر: وفيات الأعيان ٤/ ١٨٤ - ١٨٥ رقم (٥٦٧)، ولسان الميزان ٥/ ١٢١ - ١٢٢ رقم (٤١٠)، ط ١ (١٣٣١ هـ). والأعلام م ٦/ ٨٠.

(٤) زياد من (ش).

(٥) محمد بن عبد الوهاب الجُبَّائي نسبة إلى جُبَّى، ولد سنة ٢٣٥ هـ، وهو من متكلمي المعتزلة، وإليه تنسب الطائفة الجبائية، له عناية في الرد على الفلاسفة والملاحدة، وتقرير العدل والتوحيد، توفي سنة ٣٠٣ هـ، وله تفسير القرآن مائة جزء، وشرح مسند ابن أبي شيبة، وجملة مصنفات أبي علي مائة ألف ورقة وخمسين ألف ورقة. طبقات المعتزلة ٨، الأعلام ٦/ ٢٥٦، وتراجم رجال الأزهار ١/ ٣٥، وتوضيح المشتبه، لشمس الدين محمد بن عبد الله بن محمد القيسي الدمشقي - تحقيق: محمد نعيم العرقوسي - مؤسسة الرسالة - ط ١ (١٤١٤ هـ/١٩٩٣ م) ٢/ ١٤٠.

(٦) في (ج): يضيق وقته.

(٧) في (ب): نحو.

(٨) في (ج): فيما يخصه فقط دون ما يفتي به.

(٩) ينظر المعتمد ٢/ ٣٦٦، والبرهان للجويني ٢/ ١٣٣٩، وحاشية العضد ٢/ ٣٠٠، وبيان المختصر ٣/ ٣٢٩، وشرح الكوكب المنير ٤/ ٥١٥، ومجموع الفتاوى لابن تيمية ٢٠/ ٢٠٤، والردود والنقود ٢/ ٧٠٥، وشرح الغاية المسماة هداية العقول إلى غاية السؤل، لحسين بن القاسم بن محمد (ت: ١٠٥٠ هـ) - وزارة المعارف المتوكلية - صنعاء - ط (١٣٥٩ هـ) ٢/ ٦٦٥، ومنهاج الأصول إلى معيار العقول في علم الأصول، للإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى (ت: ٨٤٠ هـ)، تحقيق: د. أحمد الماخذي - دار الحكمة اليمانية - صنعاء - ط ١ (١٤١٢ هـ/١٩٩٢ م) ص ٨٠٨.