تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

[شرح مقدمة الأثمار]

صفحة 160 - الجزء 1

  وكذا علم فروع الفقه ليس شرطًا للاجتهاد؛ إذ هو نتيجة الاجتهاد، لكن العلم بها عون عظيم للمجتهد وميسر له سلوك [سبيل]⁣(⁣١) الاجتهاد⁣(⁣٢).

  وإنما اشترط أن يكون مجتهدًا؛ لأن تقليد المقلد لا يفيد ولا يشفي، كما لا يفيد الأعمى أن يقوده أعمى، قال تعالى: {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى}⁣(⁣٣).

  وأما اشتراط كونه عدلا؛ فلأن غير العدل لا يوثق بقوله، ولا يؤمن أن يفتي بغير ما أداه إليه اجتهاده. وأحسن ما قيل في حد العدالة: محافظة دينية تحمل على ملازمة التقوى والمروءة ليس معها بدعة⁣(⁣٤).

  وقوله: «مرجح له دينا» معناه أنه يشترط في المجتهد الذي يقلده العامي أن يغلب على ظن العامي أن تقليد ذلك المجتهد أرجح من تقليد غيره من المجتهدين؛ لما يعتقدوه من مزيته على غيره في العلم والدين بعد البحث عن ذلك، فلا يجوز للعامي أن يقلد من يعتقد أن غيره أرجح منه فيما ذكر، ولو رجح عنده لغير ذلك.

  وعبارة الأثمار في هذه أخصر من عبارة الأزهار وأكثر فائدة؛ وهي قوله: ويكفي المغرب إلى قوله: فاسق التأويل⁣(⁣٥)، كما لا يخفى.

  قوله: «غالبا»، واحترز بغالبا من صورتين:

  أحدهما: حيث لم يحصل له ترجيح لأي المجتهدين فإنه حينئذ يخير في تقليد أيهم⁣(⁣٦).

  الصورة الثانية: حيث تكون الحادثة جديدة لا قول فيها لغير ذلك المجتهد، فإنه يجوز له تقليده فيها مع عدم حصول مرجح، بل يتعين عليه ذلك⁣(⁣٧).

  قوله: (فالحي أولى من الميت، والأعلم من الأورع، ونحو ذلك) هذا بيان لبعض وجوه الترجيح، أما كون تقليد المجتهد الحي أولى من تقليد المجتهد الميت فلوجهين:

  أحدهما: أن الطريق إلى معرفة كماله أقوى من الطريق إلى معرفة كمال الميت، والعمل


(١) ما بين المعقوفتين زيادة من (ب، ج).

(٢) ينظر: الكاشف لذوي العقول ص ٤٠٦، ٤٠٩، وشرح الغاية ٢/ ٦٤١.

(٣) سورة يونس: ٣٥.

(٤) هذا التعريف لابن الحاجب. ينظر: مختصر المنتهى لابن الحاجب مع العضد ٢/ ٦٣.

(٥) لفظ الأزهار ص ١١: ويكفي المغرب انتصابه للفتيا في بلد شوكته لإمام حق لا يرى جواز تقليد فاسق التأويل.

(٦) في (ش) زيادة: شاء على الأصح كما تقدم ذكر هذا في الشرح.

(٧) ينظر: شرح الغاية ٢/ ٦٦٥، والمنهاج شرح المعيار ص ٧٨٢.