فصل: [في تقليد المجتهد]
  وأراد بالأدلة المذكورة نحو قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}(١) وكأحاديث الكساء(٢)، وحديث: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم لن تضلوا من بعدي أبدًا: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما»(٣). ونحو حديث السفينة المشهور: «أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق وهوى»(٤). وغير ذلك مما لا ينحصر.
  وقد أتى المؤلف أيده الله تعالى في شرح ذلك بما كفى وشفى في هذا الموضع وغيره، فليرجع إلى مطالعة ذلك من علت همته، وتوفرت دواعيه ورغبته، مع أن الأمر في ذلك أظهر من شمس النهار لذوي [البصائر والأبصار](٥).
  وليس يصح في الأفهام شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل
  ومن الأدلة الإجمالية العقلية التي أشار إليها المؤلف أيده الله ما ذكره جده المهدي عليه رضوان الله ورحمته، وحرره المؤلف أيده الله وقرره من قولهم بالتوحيد والعدل وتنزههم عن التشبيه والجبر، وما يستلزمهما، فكانت عقيدتهم أحوط للقطع بعدم الندم عليها في موضع القطع بهلكة المخطئ، وإن قُدِّرَ الحق مع مخالفها؛ إذ هو إما ملحد
(١) سورة الأحزاب: ٣٣.
(٢) سبق تخريجه ص ١٥٨.
(٣) سبق تخريجه ص ١٥٩.
(٤) أخرجه الحاكم في المستدرك ٢/ ٣٤٣، كتاب التفسير - باب تفسير سورة هود، عن أبي حنش الكناني قال: سمعت أبا ذر يقول وهو آخذ باب الكعبة: أيها الناس من عرفني فأنا من عرفتم، ومن أنكر فأنا أبو ذر، سمعت رسول الله ÷ يقول: «أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى»، وقال: حديث صحيح على شرط مسلم، وأخرجه أيضا في ٣/ ١٥٠، كتاب معرفة الصحابة - باب مناقب أهل البيت، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ورواه أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة - تحقيق: وصي الله بن محمد عباس - دار ابن الجوزي - ط ٢ (١٤٢٠ هـ/١٩٩٩ م) ٢/ ٩٨٧ رقم (١٤٠٢)، والطبراني في الأوسط ج ٥ برقم (٥٣٩٠)، والكبير ٣/ ٤٥ برقم (٢٦٣٦)، والبزار ٢/ ٣٣٤ رقم (١٩٦٧) من مختصر زوائده لابن حجر. وذكره في مجمع الزوائد ٩/ ١٦٨ وقال: رواه البزار والطبراني في الثلاثة، وفي إسناد البزار الحسن بن أبي جعفر، وفي إسناد الطبراني عبد الله بن داهر، وهما متروكان. قلت: وله شاهد عن عبد الله بن عباس أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء ٤/ ٣٠٦، وفي إسناده أيضا الحسن بن أبي جعفر، وعن عبد الله بن الزبير، ذكره في مجمع الزوائد ٩/ ١٦٨ وعزاه إلى البزار، وقال: فيه ابن لهيعة وهو لَيِّنٌ، وعن أبي سعيد الخدري أخرج الطبراني في المعجم الصغير - دار الكتب الثقافية - ط ٢ (١٤٠٦ هـ/١٩٨٦ م) ٢/ ٢٢، وقال في مجمع الزوائد: وفيه جماعة لم أعرفهم، وعن أبي الطفيل عامر بن واثلة رواه محمد بن أحمد الدولابي (ت: ٣١٠ هـ) في الكنى والأسماء - دائرة المعارف النظامية - حيدر آباد - ط (١٣٢٢ هـ) ١/ ٧٦.
(٥) في (ذ): لذوي الأبصار.