تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

[شرح مقدمة الأثمار]

صفحة 164 - الجزء 1

  فالمقتدي بهم في الحقيقة مقتدٍ بأهل البيت، والمعتزي إليهم معتزٍ إلى أهل البيت؛ إذ تمسكهم بحبل مودتهم معلوم، واعترافهم بفضائلهم متحقق غير موهوم، كما هو مشهور عن أبي حنيفة من أمره الناس سرًا بالخروج مع من قام من أهل البيت، كزيد بن علي، وإبراهيم بن عبد الله⁣(⁣١)، وكما روى عن مالك من اعتزاله جمعة الظلمة، واقتصاره في بيته⁣(⁣٢)، واقتدائه بـ عبد الله بن الحسن بن الحسن⁣(⁣٣) في بعض المسائل الدينية⁣(⁣٤)، وغير ذلك⁣(⁣٥).

  وأما الشافعي فأمره ظاهر حتى نسب إلى التشيع⁣(⁣٦). كذلك أحمد فإن المروي عنه المبالغة في تعظيمهم، ورواية فضائلهم وتفضيله أسانيدهم.


(١) إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، كان عالما فاضلاً خطيباً مصقعا شاعراً مفلقاً شجاعاً، دعا بعد مقتل أخيه النفس الزكية، وبايعه علماء البصرة وعبادها وزهادها، واجتمع معه من الزيدية والمعتزلة وأصحاب الحديث ما لم يجتمع مع أحد من أهل بيته، استشهد ١/ذي الحجة سنة ١٤٥ هـ بباخمرا في المعركة التي كانت بينه وبين عيسى بن موسى قائد جيوش أبي الدوانيق أبي جعفر المنصور، ودفن هناك. ينظر: الإفادة ٦١، ومقاتل الطالبيين ٤٥٠، والحدائق الوردية، لحميد الشهيد بن أحمد بن محمد المحلي (ت: ٦٥٢ هـ) - مطبوعات مكتبة مركز بدب العلمي والثقافي - صنعاء - (١٤٢٣/ ٢٠٠٢ م) ١/ ٢٩٩، ومروج الذهب ٣/ ٣٠٦، والشافي ١/ ٢٣٧، والمصابيح ٤٤٥.

ينظر: مقاتل الطالبيين، لأبي الفرج الأصبهاني؛ فقد روى ص ١٤٠: أن محمد بن جعفر بن محمد قال في أبي حنيفة: رحم الله أبا حنيفة لقد تحققت مودته لنا في نصرته زيد بن علي، وقد روي أنه لما قام إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، قال له رجل: يا أبا حنيفة ما اتقيت الله في فتواك أخي بالخروج مع إبراهيم بن عبد الله؛ فقتل؟ فقال أبو حنيفة: قتل أخيك مع إبراهيم خير له من الحياة، فقال له الرجل: فما منعك أنت من الخروج؟ قال: ودائع للناس عندي. وسأله رجل تلك الأيام عن الحج أو الخروج إلى إبراهيم فقال: غزوة خير من خمسين حجة. ينظر: مقاتل الطالبيين ص ٣٦٧ - ٣٦٨.

(٢) لم أقف على من نسب ذلك القول للإمام مالك.

(٣) عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ولد سنة ٧٥ هـ شيخ بني هاشم في زمانه، مدني تابعي قوي النفس شجاع، وكان من العبَّاد وله شرف وهيبة، قتل في محبسة الهاشمية مع كوكبة من آل البيت الطاهر لا يميزون بين الليل والنهار سنة ١٤٥ هـ، ولقب بالكامل؛ لأنه كان يقال: مَنْ أجمل الناس ... ؟ فيقال: عبد الله بن الحسن، مَنْ أعلم الناس؟ فيقال: عبد الله بن الحسن، ويقال له: المحض؛ لأن أباه الحسن بن الحسن وأمه فاطمة بنت الحسين، وكان يشبه رسول الله ÷. مقاتل الطالبيين ١٤٠، وتاريخ بغداد ٩/ ١٤٠، وتهذيب الكمال ١٤/ ٤١٤، وعمدة الطالب ١٢١، والتحف شرح الزلف ٨٨.

(٤) سئل الإمام مالك بن أنس عن السدل للثوب؟ فقال: لا بأس به، قد رأيت من يوثق به يفعل ذلك، فلما قام الناس، قلت: من هو؟ قال: عبد الله بن الحسن. وفي رواية: رأيت عبد الله بن الحسن يصلي وقد سدل ثوبه. ينظر: تاريخ دمشق ٢٧/ ٣٧١، وإكمال تهذيب الكمال، لعلاء الدين مغلطاي (ت: ٧٦٢ هـ)، تحقيق: عادل محمد - الفاروق الحديثة - ط ١ (١٤٢٢ - ٢٠٠١ م).

(٥) لما قام محمد بن عبد الله النفس الزكية حث على نصرته، وقضى بوجوبها، وأتاه قوم ممن قد بايع أبا جعفر الملقب المنصور، وهو أبو الدوانيق فسألوه عن بيعتهم له يرومون الاعتذار بالبيعة عن القيام مع محمد بن عبد الله؛ فقالوا: إن في رقابنا لأبي جعفر يمينًا، وقد قام محمد بن عبد الله فما ترى؟ قال الإمام مالك: انفروا إليه وليس على مكره يمين. مقاتل الطالبيين ص ٢٨٣، وتاريخ الطبري ٧/ ٥٦٠.

(٦) ينظر: مناقب الشافعي للبيهقي ٢/ ٧١.