تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

[شرح مقدمة الأثمار]

صفحة 176 - الجزء 1

  الواجب عليه رفضهما والرجوع إلى قول غير إمامه من المجتهدين، كما لو لم يجد من أقوال إمامه في بعض المسائل ما يصح العمل به من نصٍّ أو احتمال ظاهر، فإن الواجب عليه حينئذ أن يرجع إلى قول غيره اتفاقا، كما هو المختار في المجتهد، حيث تعارضت عليه الأمارات من كل وجه، فإنه يجب عليه اطراحها والرجوع إلى حكم العقل. وقيل: يخير في العمل بأيها شاء⁣(⁣١).

  قوله أيده الله تعالى: (ويجوز تقليد مستويين فصاعدًا فيكون مخيرًا بين أقوالهم على الأصح) أي يجوز للمقلد أن يقلد عالمين أو أكثر إذا كانوا مستويين في كمال الاجتهاد، وفي العلم والورع والحياة ونحوها، بحيث لا مزية لأيهم، فيكون المقلد لهم عاملاً بأقوالهم جميعًا حيث يتفقون، مخيرًا بينها حيث يختلفون.

  وقوله: «على الأصح» إشارة إلى خلاف من أوجب التزام مذهب إمام معين كما يروى عن الإمام المنصور، والشيخ الحسن الرصاص⁣(⁣٢)، وأما من لا يوجب ذلك، فقال الإمام المهدي: لم أقف لهم في ذلك على نص، وأصولهم تحتمل الأمرين.

  وأما المؤلف أيده تعالى فقد صحح جواز ذلك، وهو مقتضى ما نقل عن تعليق الإفادة⁣(⁣٣): أن من التزم مذهب أهل البيت جملة لم يكن له أن يعمل بقول من يخالف مذهبهم⁣(⁣٤). والله أعلم.


(١) شرح الأزهار ١/ ٢٤.

(٢) ينظر: صفوة الاختيار ص ٣٨٢ حيث قال فيه: وكان شيخنا [أي الرصاص] يذهب إلى أن للعامي أن يختار أي العلماء شاء فيجعله مفزعًا في الفتوى، ويأخذ برخصه وتشديده، فإذا اعتمد واحدًا في الفتوى لم يعدل إلى غيره، إلا أن يكون قوله أحوط؛ فإنه يجوز له العمل بفتوى غيره فيما قوله أحوط، وهذا الذي نختاره.

(٣) على الإفادة عدة تعاليق: الأول: لأبي القاسم بن تال الناصري. والثاني: للقاضي إسحاق بن أحمد بن عبد الباعث. ينظر مؤلفات الزيدية ١/ ٢٩٤، ٢٩٥.

(٤) ينظر: الكاشف لذوي العقول ص ٤٣٦، وشرح الأزهار ١/ ١٢، وشرح الغاية ٢/ ٢٤٧.