تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

[شرح مقدمة الأثمار]

صفحة 175 - الجزء 1

  وإنما يتمكن من الترجيح عند التعارض من عرف وجوهه. وأكثر ما تمس الحاجة إليه منها صحة طريقها بأن يكون المجتهد نص عليها نصًّا صريحًا، والأخرى نَبَّه عليها أو نحو ذلك، وقل ما يحتاج المجتهد في المذهب إلى غير هذا الوجه، كما نقل ذلك عن الإمام المهدي⁣(⁣١).

  وإنما لم يفصل المؤلف بين شروط التخريج وشروط القياس كما في الأزهار؛ لأن التخريج المعمول به هو ما كان على طريقة⁣(⁣٢) القياس دون ما عداه من التخاريج على الصحيح.

  واحترز بقوله: «غالباً» من سائر شروط الأصل وشروط الفرع غير ما تقدم ذكره، ومن معرفة خواص العلة وشروطها، فإنه لا يلزم القائس على مذهب المجتهد معرفة شيء من ذلك، بل العهدة في ذلك على المجتهد، وإذا كان لا يحتاج إلى معرفتها فيما نحن بصدده فذكرها ينافي ما اعتمدته في هذه الحواشي من الاختصار، ومن رَقَتْ همته إلى معرفة ذلك فعليه بمطالعة ما قد حرره الإمام المؤلف أيده الله تعالى في ذلك، وكذلك لا يلزم القائس معرفة كون المجتهد الذي يقيس على مذهبه ممن يرى تخصيص العلة، وهو كونها قد توجد في بعض المحال من دون حكمها الذي اقتضته في غيره، أو يمنع ذلك⁣(⁣٣)، وهذه أيضًا مما احترز عنه بقوله: «غالبا».

  قوله أيده الله تعالى: (ويعمل بنحو آخر القولين) أي يعمل المقلد ونحوه بآخر القولين المتضادين في حكم واحد المستويين في صحة النقل عن المجتهد؛ لأن الظاهر أن الآخر رجوع عن الأول.

  وأراد أيده الله تعالى بنحو آخر القولين أقوى الاحتمالين، وذلك نحو أن يصدر عنه كلامان يؤخذ من مفهوم أحدهما حكم، ومن مفهوم الآخر نقيض ذلك الحكم - فإنَّ الواجب اعتماد أقوى ذينك المفهومين، نحو أن يكون أحدهم مفهوم صفة، الآخر مفهوم شرط، فيجب الأخذ بمفهوم الشرط؛ إذ هو أقوى كما تقدم.

  قوله أيده الله تعالى: (فإن التبس فالمختار رفضهما كما لو لم يجد ما يعمل به) يعني فإن التبس على المقلدِ المتأخر من القولين والأقوى من الاحتمالين في كلام إمامه - فإنَّ


(١) ينظر: شرح الأزهار ١/ ٢٥.

(٢) في (ب): طريق.

(٣) في (ج): أو يمنع من ذلك.