تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب النجاسات

صفحة 245 - الجزء 1

  وقعت في سمن، فقال: «القوها وما حولها، وكلوا سمنكم». أخرجه البخاري⁣(⁣١).

  قال في البحر: أو يغسل لإمكانه وإن وقعت فيه النجاسة حال كونه مائعا، فظاهر المذهب أن حكمه حكم سائر المائعات التي لا تجمد ولا تطفو، وقد تقدم⁣(⁣٢).

  وعن المنصور بالله وأبي مضر⁣(⁣٣) أنه يطهر بالغسل؛ لإمكانه⁣(⁣٤)، وذلك بأن يجعل مع الماء في إناء ثم يمخض ثم يسكن ثم يثقب أسفل الإناء حتى يخرج الماء أو أعلاه حتى يخرج السمن أو السليط، ثم كذلك ثانية وثالثة، فيطهر بذلك.

  ورُدَّ بأن ذلك لو كان مطهرا شرعا لم يأمر النبي ÷ بإراقته؛ لنهيه ÷ عن إضاعة المال؛ ولما نهى عنه لذلك⁣(⁣٥).

  قيل: وضابط الجامد: هو ما إذا ما أخذت منه قطعة لم يتراد ما يملأ موضعها على القرب، فإن تراد فهو مائع⁣(⁣٦).

  قيل: ويأتي على تخريج علي خليل، وأبي مضر أن المائع المتنجس يطهر بالمكاثرة، فلا يكون رجسًا مع كونه متعذر الغسل⁣(⁣٧).

  قيل: وأما الزئبق⁣(⁣٨) إذا تنجس فإن كان متقطعا فكالدهن، وإن كان غير متقطع طهر بالغسل. والله أعلم.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الوضوء - باب إذا وقعت الفأرة في السمن الجامد أو الذائب ص ٥٤ رقم ٢٣٥، وأخرجه أبو داود في سننه، كتاب الأطعمة - باب في الفأرة تقع في السمن ص ٦٤٦ رقم (٣٧، ٣٨)، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٣/ ٣٥٣ رقم (١٦).

(٢) انظر: البحر الزخار ١/ ١٨، وشرح الأزهار ١/ ٤٢ - ٤٣.

(٣) أبو مضر: شريح بن المؤيد المرادي الشريحي، مفخرة الزيدية، وحافظ مذهبهم، ومقرر قواعدهم، عمدة المذهب في العراق واليمن، من أصحاب المؤيد بالله، وهو من أعلام القرن الخامس الهجري، له أسرار الزيادات، وكتاب المقالات لقمع الجهالات (شرح الزيادات). ينظر: أعلام المؤلفين الزيدية ص ٤٧٨، ولوامع الأنوار ٢/ ٢٨.

(٤) انظر: البحر الزخار ١/ ١٨، والانتصار ١/ ٥٠٠.

(٥) في (ج): كذلك.

(٦) انظر المراجع السابقة.

(٧) انظر: ضوء النهار ١/ ١١٣.

(٨) الزئبق: هو الزاووق في لغة أهل المدينة، وهو يقع في التزاويق؛ لأنه يطلى به مع الذهب ثم يدخل النار فيذهب الزئبق ويبقى الذهب، وهو عنصر فلزي سائل في درجة الحرارة العادية. انظر: لسان العرب، مادة: زئبق. ١٠/ ١٥٠، المعجم الوسيد ١/ ٣٨٧.