باب النجاسات
[كيفية تطهير متيسر الغسل]
  قوله أيده الله: (ومتيسره تطهير الخفية بالماء ثلاثا) هذا هو القسم الثاني من أقسام(١) المتنجس، وهو ما يتيسر غسله ولا يشق، وذلك كالثياب والآنية ونحوهما إذا تنجست نجاسة خفية.
  والمراد بالخفية: ما لا(٢) يظهر لها أثر من لون أو ريح أو طعم، فما كان كذلك فالواجب تطهيره بالماء القراح لا بغيره كماء الورد، والخل، وإن عمل عمل الماء(٣)، خلافًا لأبي حنيفة(٤).
  وقد أفاد إطلاق الماء كونه قراحاً غير مشوب كما سيأتي. ولا بد أن يكرر غسله ثلاث مرات يتخللها العصر في الثياب ونحوها، والدلك في الأبدان والآنية ونحوهما(٥) وجوبًا على المذهب(٦). أما كون تطهير المتنجس لا يكون إلا بالماء كما هو مذهب الأكثر، فلما سيأتي.
  وأما كون الواجب ثلاث غسلات فذلك هو المختار للمذهب(٧)؛ واستدلوا على ذلك بنحو حديث أبي هريرة أن النبي ÷ قال: «إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا، فإنه لا يدري أين باتت يده»(٨). أخرجه الستة إلا الموطأ، واللفظ لإحدى روايات مسلم.
(١) في الأصل: القسم الثاني من المتنجس.
(٢) في (ج): ما لم.
(٣) انظر: شرح الأزهار ١/ ٤٣، والتاج المذهب ١/ ٢٢، والمغني لابن قدامة ١/ ٢٣.
(٤) انظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ١٥٥.
(٥) في (ج): ونحوها.
(٦) انظر البحر الزخار ١/ ١٨، والتاج المذهب ١/ ٢٢.
(٧) انظر المراجع السابقة.
(٨) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الوضوء - باب الاستجمار وترا ص ٤٢ رقم (١٦٢)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الطهارة - باب كراهة غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك في نجاستها في الإناء قبل غسلها ثلاثا ص ١٦٦ رقم (٢٧٨)، وأخرجه الترمذي في سننه، كتاب أبواب الطهارة - باب ما جاء إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ص ١١ رقم (٢٤)، وأخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطهارة - باب في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها ص ٣٥ رقم (١٠٣)، وأخرجه النسائي في سننه، كتاب الطهارة - باب تأويل قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}[المائدة: ٦] ص ٥ رقم (١).