كتاب الطهارة
  جماعة من أهل العلم؛ ولأن القلتين لم يوقف على حقيقة مبلغهما في أثر ثابت ولا إجماع(١).
  وقال الطحاوي: إنما لم نقل به؛ لأن مقدار القلتين لم يثبت.
  وقال ابن دقيق العيد: هذا الحديث قد صححه بعضهم، وهو صحيح على طريقة الفقهاء(٢)؛ لأنه وإن كان مضطرب الإسناد مختلفا في بعض ألفاظه فإنه يجاب عنها بجواب صحيح، فإنه يمكن الجمع بين الروايات، ولكني تركته؛ لأنه لم يثبت عندنا بطريق استقلالي يجب الرجوع إليه شرعا في تعيين(٣) مقدار القلتين. انتهى.
  وأما القدح في حديث القلتين بأنه قد روي أربعين قلة(٤)، وروي قلة أو قلتين، وروي ثلاث قلال(٥)، فليس بشيء؛ إذ لم تثبت هذه الروايات لأحدٍ ممن يعتد به.
  وأما معارضته بحديث الخدري: «الماء طهور لا ينجسه شيء»(٦) - فجوابه: أن حديث القلتين مخصص لعمومه، كما ذكره بعضهم.
  ولما كان التحديد لقليل الماء وكثيره على ما وقع فيه من الاختلاف لا يخلو عن إشكال - مال مولانا المؤلف أيده الله تعالى إلى ما ذهب إليه القاسم ومن وافقه من عدم الفرق بين القليل والكثير كما سبق.
  قال أيده الله تعالى: "أما التحديد بما تستوعبه القوافل الكبار ففيه رد إلى جهالة"، وذلك ظاهر، وقد ذكر ذلك الإمام المهدي وغيره(٧).
  وأما التحديد بالقلتين ففيه ما تقدم. وتأوله المؤلف - نصره الله تعالى(٨) - على تقدير صحته بأن المراد أنه إذا بلغ قلتين كان مظنة لعدم التغيُّرِ، كما أنه إذا كان دونه كان مظنة لحصول التغير كما سبق ذكره في حديثي: الاستيقاظ، والولوغ.
(١) انظر: التمهيد لما في الموطأ من المعاني والمسانيد ١/ ٢٣٩، وتلخيص الحبير ١/ ١٨.
(٢) انظر: نيل الأوطار ١/ ٣٧.
(٣) في (ب، ج): شرعا بتعيين.
(٤) الدارقطني، كتاب الطهارة - باب حكم الماء إذا لاقته نجاسة ١/ ٢٦ رقم (٣٤)، ونصب الراية ١/ ١١٠.
(٥) روى أحمد ٢/ ٤٣٦ رقم (٥٨٥٩) عن ابن عمر: «إذا كان الماء قدر قلتين أو ثلاث لم ينجسه شيء»، وفي الدارقطني، كتاب الطهارة - باب حكم الماء إذا لاقته نجاسة ١/ ٢١ رقم (١٨) ما يوافق ذلك، وابن ماجة، كتاب الطهارة وسننها - باب مقدار الماء الذي لا ينجس ١/ ١٧٢ رقم (٥١٨).
(٦) سبق تخريجه ص ٣٥٦.
(٧) انظر: البحر الزخار ١/ ٣٢.
(٨) قوله: "نصره الله" سقط من (ج).