تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 308 - الجزء 1

  ولا يرفع حدثًا؛ لخروجه عن اسم الماء المطلق الذي وردت به الأدلة الشرعية.

  وروي عن الصادق والإمامية صحة التطهر بماء الورد، قالوا: لأن ذلك لم يزده إلاَّ طيبا⁣(⁣١).

  وعن المنصور وغيره صحة التطهر بماء أغصان الكرم ونحو، قالوا: إذ لا فرق بين خروج الماء من حجر أو شجر⁣(⁣٢). لنا ما مر.

  قوله أيده الله تعالى: "مباح" في الحدث ونحوه تقييد لرافع الحدث خاصة.

  وأما النجس فيصح إزالته بالماء المغصوب اتفاقًا مع الإثم.

  والمراد بالمباح: ما ليس للغير المنع منه؛ والدليل على عدم صحة رفع الحدث ونحوه بالمغصوب - أنه عبادة فتبطله المعصية، وكما لا يصح رفعه بالماء النجس.

  وعن الفقهاء والمعتزلة⁣(⁣٣) يجزئ رفع الحدث به كإزالة النجس⁣(⁣٤).

  قلنا: الوضوء عبادة؛ بدليل افتقاره إلى النية، بخلاف إزالة النجاسة، فإنها لا تفتقر إلى النية؛ لما لم تكن عبادة فافترقا.

  قالوا: له جهتان، فلم يكن طاعة معصية من وجه واحد.

  قلنا: الطاعة استعماله وهو نفس المعصية.

  قالوا: كالوقوف بعرفة على بعير مغصوبٍ، والذبح بسكين مغصوب.

  قلنا: هما آلتان، وآلة الشيء غيره فافترقا.

  قوله أيده الله: "لم يسلبه إطلاق الاسم" إلى آخره.

  اعلم أن الماء المشوب إما أن يكون شائبه عينًا أو حكمًا، وتلك العين: إما نجس، وقد تقدم، وإما طاهر، وهو المراد هاهنا.


(١) انظر: البحر الزخار ١/ ٣٧، واللمعة الدمشقية ١/ ٢٧٨، وفقه الإمام جعفر الصادق ١/ ١١، تأليف: محمد جواد مغنية - دار الجواد - بيروت - لبنان - ط ٤ (١٤٠٢ هـ - ١٩٨٢ م).

(٢) انظر: المهذب في فتاوى الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة ص ١٩، وشرح الأزهار ١/ ٥٨.

(٣) المعتزلة: ويسمون أهل العدل والتوحيد، والعدلية، وهي مجمعة على مسائل في التوحيد والعدل والوعد والوعيد ذكره البلخي في المقاسات ص ١٥٧.

(٤) انظر: البحر الزخار ١/ ٣٧، والانتصار ١/ ٣٠٨.