باب المياه
  قلت: وهو اختيار المؤلف أيده الله تعالى، ولذلك لم يتعرض لقوله في الأزهار: "ولا غيَّرَ بعض أوصافه ممازج ... " إلى آخره، وإنما اعتبر بقاء إطلاق اسم الماء عليه من دون تقييد بإضافة، كما هو مقتضى الأدلة المشيرة إلى تعين الماء المطلق.
  وقوله: "ولو تقديرا" يعني ولو لم يسلبه الملابس له: أي المخالط له اسم الماء تحقيقًا بل تقديرا، كالذي شابه ماء وردٍ انقطعت رائحته، وكان بحيث لو كانت رائحته باقية لسلبه إطلاق الاسم، فإنه يخرج بذلك عن كونه مطهرًا. وهذا الذي ذكره المؤلف أيده الله تعالى من اعتبار التقدير هو المشهور عن الشافعي(١). وظاهر كلام أهل المذهب أن العبرة بالأغلبية كما في المستعمل.
[حكم الماء المتغير بمطهر]
  قال في البحر: مسألة: ولا يضر تغيره بمطهر إجماعًا كماء البحر، ولا ما لم يغيره من طاهر لقلته إجماعًا لا لموافقته كماء وردٍ.
  قال العترة وأبو حنيفة وأصحابه وأحد قولي الشافعي: فيعتبر الأغلب فيه؛ إذ الحكم له(٢).
  الشافعي: إن قدر التغير مع مخالفته لم يجز، وإلا أجزأ رجوعا إلى التقدير عند تعذر التحقيق(٣).
  قلنا: اعتبار الأغلبية أولى؛ لأنها ضبطه بحال نفسه لا بحال غيره. انتهى، البحر الزخار ٣٠٨.
  والمراد بالأغلبية: أن يكون الخليط المذكور أقل من الماء وزنًا، لا إن كان مثله أو أكثر، فلا يكون طهورًا. ذكر معنى ذلك في شرح الإرشاد. وقيل: إن العبرة بالمقدار لا بالوزن.
  وقوله: "ملابس" أنسب بسياق الأثمار من قول غيره: "ممازج"؛ لأنه لا يسلب إطلاق الاسم إلاَّ الممازج، فلو قال: "ممازج" لأوهم أن المجاور قد يسلب إطلاق الاسم، ولكن لا يخرج به الماء عن كونه طهورًا.
= انظر: الانتصار ١/ ٢٣٧.
(١) المهذب ١/ ٤٢.
(٢) الانتصار ١/ ٢٣٥، ومختصر الطحاوي ص ١٥، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ١٢٨، والمهذب ١/ ٤١.
(٣) انظر: الأم ١/ ٨.