كتاب الطهارة
  فائدة أخرى: لو اجتمع الماء المستعمل حتى كثر، فالصحيح أنه لا يزول حكمه؛ إذ لا يقع عليه اسم الماء المطلق، كما لو اختلط به مائع غير مطهر مثله فصاعدًا، فإنه لا يكون طهورًا ولو كثر(١).
  وقيل: بل يزول حكمه [بذلك](٢) كما في المياه [القليلة](٣) المتنجسة إذا اجتمعت؛ إذ النجاسة أغلظ(٤).
  قلنا: خصها الدليل عند من يقول بذلك فيها. والله أعلم.
  تنبيه: أما إذا اختلط القراح بالمستعمل فإن علم أن أحدهما أكثر فالحكم له، وإن لم يعلم كون أحدهما أكثر: فإن علم أيهما المطرؤ عليه فالحكم له، وإن أوردا جميعًا أو لم يعلم أيهما المطرؤ عليه غُلب عدم الإجزاء احتياطًا، كتغليب جانب الحظر، وإن علم استواؤهما فظاهر المذهب أنه يغلب عدم الإجزاء أيضًا؛ عملا بالأحوط(٥).
  وعن الأمير علي بن الحسين، وابن أبي الفوارس(٦) أنه يجزئ؛ رجوعًا إلى أصل الماء، وإنما يغلب جانب الحظر حيث لا يكون ثم أصلٌ يرجع إليه(٧).
  وقوى المؤلف أيده الله تعالى هذا القول، ولذلك صرح بذكر أبي طالب، حيث قال في الأثمار - أبو طالب -: ولا ساواه مستعمل لقربة، أي ولا يساوي القراح الملابس له حال كونه مستعملاً لقربة(٨).
(١) وهو الأقرب للمذهب الزيدي، وفي قول للشافعي. ينظر: البحر الزخار ١/ ٣٥، والانتصار ١/ ٢٩١، والمهذب ١/ ٥٠، والمجموع ١/ ٢٠٩.
(٢) ما بين المعقوفتين من (ج).
(٣) ما بين المعقوفتين من (ب، ج).
(٤) وهو قول الإمام يحيى بن حمزة، وقول للمذهب، وفي قول للشافعي. ينظر: البحر الزخار ١/ ٣٥، والانتصار ١/ ٢٩١، المهذب ١/ ٥٠، والمجموع ١/ ٢٠٩، والأم ١/ ٥٣.
(٥) شرح الأزهار ١/ ٥٧، والبيان الشافي ١/ ٥٨.
(٦) محمد بن أبي الفوارس بن توران شاه الجِيلي، من فقهاء المؤيد بالله، يروي المذهب وغيره عن والده، وعلي خليل، والقاضي يوسف، وأحمد بن أبي الحسن الكني إسناد المذهب، وكتب الهادي، ولم يعرف له تاريخ وفاة، وله مؤلفات منها: تعليق التجريد منه جزء بمكتبة السيد محمد عبد العظيم الهادي، وشرح التجريد، وله مقالات وعناية بالمذهب. ينظر: المستطاب في تاريخ علماء الزيدية الأطياب المسمى بطبقات الزيدية الصغرى، ليحيى بن الحسين بن القاسم (خ)، ورجال شرح الأزهار ١/ ٣٣.
(٧) انظر: شرح الأزهار ١/ ٥٨، والبيان الشافي ١/ ٥٩.
(٨) التحرير ١/ ٥٨.