تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 321 - الجزء 1

  مستعمل قلَّ أم كثر وإن انصب عليه لا من فعله - فيقرب أن المستعمل منه الملاصق للجسد، اللهم إلاَّ أن يحصل هنالك دلك حال جري الماء فإن الجميع يكون مستعملاً.

  قال في الغيث: واعلم أن المستعمل لا يثبت حكمه باستعماله في بعض العضو؛ لبقية العضو في طهارة واحدة، والجسم في الغسل كالعضو الواحد؛ لأنه ÷ حين رأى لمعة في جسده بعد اغتساله لم يصبها الماء أخذ الماء من شعره ثم دلك به تلك اللمعة⁣(⁣١). انتهى.

  قيل: وإنما لم يثبت للماء حكم الاستعمال ما دام مترددًا على العضو؛ للحاجة إلى تطهيره وعسر إفراد كل موضع منه بماء جديد.

  قال في الغيث: ولا عبرة عندنا بالاتصال والانفصال؛ لأنه لو أحدث وعلى وجهه ولحيته ماء فأجراه على وجهه لأجل الحدث لم يكفه⁣(⁣٢)؛ لأنه مستعمل وإن لم ينفصل.

  وعن كثير من أصحاب الشافعي: أنه إنما يصير مستعملاً بعد الانفصال⁣(⁣٣). قلت: أما مثل هذه الصورة فيوافقون على أن الماء الذي على وجهه ولحيته قد صار مستعملاً بالنظر إلى الحدث المتجدد، وإن لم ينفصل. صرح بذلك في الإرشاد حيث قال بعد فصله أو قبله: لحدث تجدد⁣(⁣٤) أو تعدد محله.

  قال في الشرح⁣(⁣٥): فالأول: كما لو نوى ذو الحدث الأكبر غسل الجنابة بعد انغماسه في ماء قليل ثم مس ذكره وهو في الماء فلا يرتفع⁣(⁣٦) حدث المس. والثاني: كما لو انغمس في القليل جنب ونوى، ثم انغمس فيه جنب آخر ونوى، فإن الأول يطهر ويصير الماء مستعملاً بالنسبة إلى الثاني إلى آخر ما ذكره.

  فائدة: إذا استعمل الماء مغتسل أو متوضئ لا يعتقد وجوب النية كالحنفي، فقيل: يصير مستعملاً، وقيل: فيه إشكال، وقيل: يفصَّل: فإن علم أنه نوى أو شك في ذلك فمستعمل، وإن علم أنه لم ينو فغير مستعمل⁣(⁣٧). والله أعلم.


(١) سيأتي تخريجه ص ٥٤١.

(٢) في (ج): لم يكف.

(٣) ينظر: حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء ١/ ٩٨، تأليف: سيف الدين أبي بكر محمد بن أحمد الشاشي القفال، تحقيق: الدكتور ياسين أحمد إبراهيم درادكه - مكتبة الرسالة الحديثة - المملكة الأردنية الهاشمية - عمَّان - ط ١ (١٩٨٨ م).

(٤) في (ج): يتجدد.

(٥) أي في شرح الإرشاد.

(٦) في (ج): فلا يرفع.

(٧) ينظر: الهداية في شرح بداية المهتدي ١/ ٢٣، واللباب في شرح الكتاب ١/ ٢٣، ٢٤.