باب المياه
  أنه قال: «إن عرفت مثل هذه الشمس فاشهد وإلا فدع»(١). وفيه أيضًا عن طاووس(٢) عن ابن عباس ® قال: سئل رسول الله ÷ عن الشهادة فقال: «هل ترى الشمس»؟ قال: نعم، قال: «على مثلها فاشهد أو دع»(٣). انتهى.
  وذكره ابن حجر في تلخيصه وعزاه إلى العقيلي والحاكم وغيرهما، وحكى تضعيفه(٤).
  نعم: قالوا: إلا في سبعة أشياء استثناها الشرع وأجاز الشهادة بها على الظن وهي: التعديل، والإفلاس، واليسار، والاشتهار، وقيم المتلفات، وأروش الجنايات، والشهادة على الملك باليد على مذهب الهادوية(٥).
  والمراد بالاشتهار: ما يكتفى في الشهادة عليه بالشهرة، وذلك كالنسب، والنكاح، والوقف وغيرها كما سيأتي، فإن هذه الأشياء السبعة تجوز الشهادة عليها بالظن؛ لتعذر حصول العلم فيها.
  وقيل: الحق أن الشهادة في هذه الأشياء صادرة عن علم ويقين لا عن ظن؛ إذ الشهود فيها يشهدون عن علم بالأسباب التي تجوز الشهادة عليها وإن كانت تلك الأسباب ظنون، أي مظنونة.
  النوع الثاني: مما لا يعمل فيه إلا بالعلم النكاح، فإنه لا يجوز أن يتزوج إلا بمن يعلم
(١) شفاء الأوام، باب حكم الدخول في الشهادة ٣/ ٢٢٩.
(٢) طاووس بن كيسان الجَنَدي اليماني الأبناوي، مولى همدان، ولد سنة ٣٣ هـ، من أبناء فارس، من أكابر التابعين، ومولده ومنشأه باليمن، فقيه، عالم، حافظ، عابد، زاهد. قال الذهبي: وحديثه في دواوين الإسلام، وهو حجة باتفاق، وكان طاووس يتشيع، توفي سنة ١٠٦ هـ حاجًا بالمزدلفة أو بمنى، وكان يأبى القرب من الملوك والأمراء. ينظر: سير أعلام النبلاء ٥/ ٣٨، وتهذيب الكمال ١٣/ ٣٠٧.
(٣) شفاء الأوام، باب حكم الدخول في الشهادة ٣/ ٢٢٩، وأخرجه البيهقي في شعب الأيمان ٧/ ٤٥٥ رقم (١٠٩٧٤)، وأبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء ٤/ ١٩ رقم (٤٦٢٣) مسند طاووس بن كيسان، والمتقي الهندي في كنز العمال ٧/ ٢٣ رقم (١٧٧٨٢)، وتلخيص الحبير ٤/ ١٩٨ رقم (٢١٠٧).
(٤) تلخيص الحبير ٤/ ١٩٨.
(٥) ينظر: الانتصار ٢/ ٧٧٨، وشرح الأزهار ١/ ٦٤.