باب [آداب قضاء الحاجة]
  وحد البعد المندوب أن يكون إلى حيث لا يسمع للخارج منه صوت، ولا يشم له ريح، وهذا هو الذي أراده المؤلف بستر الخارج.
  الشرح: البَراز: - بفتح الباء الموحدة ثم راء مهملة وبعد الألف زاي معجمة - هو في الأصل الفضاء الواسع، وقد صار كناية عن قضاء الحاجة؛ لما بينهما من التلازم عادة(١).
  وأما التواري بجملة الشخص فذلك حيث أمكن؛ ودليلة ما أخرجه مسلم من رواية عبد الله بن جعفر في جملة حديث، قال: وكان أحب ما استتر به رسول الله ÷ لحاجته هَدَفٌ أو حايش نخل(٢). الهدف: - بفتح الهاء والدال المهملة ثم فاء -: كل شيء مرتفع، وحايش النخل - بحاء مهملة وبعد الألف ياء وآخره شين معجمة: حائط النخل(٣).
  وأما ستر العورة فالمراد بكونه مندوبا حيث لم يكن بحضرة من يرى عورته ممن لا يحل له النظر إليها، وأما بحضرته فسترها واجب، وكشفها حرام، كما ستأتي أدلة ذلك في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى. والذي يخص منها هذا الموضع نحو ما رواه أبو داود وغيره في جملة حديث يرويه أبو هريرة. وقال: ومن أتى الغائط فليستتر، فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبًا من رمل فليستدبره(٤). وفي شرح الإرشاد: فليستتر به ... الحديث.
  قوله: (وانفصال عن ذي حرمة غالبا). هذا ثالث الأمور المندوبة لقاضي الحاجة. وقد تناولت العبارة: البعد عن المسجد قدر فنائه. وقيل: أربعين ذراعًا من كل جانب؛
(١) انظر: لسان العرب ٥/ ٣٠٩، مادة: برز، تاج العروس ١/ ٣٦٦٨، مادة: برز.
(٢) أخرجه مسلم ١/ ٢٦٨ رقم (٣٤٢)، كتاب الحيض - باب ما يستتر به لقضاء الحاجة، وأبو داود ٣/ ٥٠ رقم (٢٥٤٩)، كتاب الجهاد - باب ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم، وسنن ابن ماجة ١/ ١٢٢ رقم (٣٤٠)، كتاب الطهارة وسننها - باب الارتياد للغائط والبول، ومسند أحمد بن حنبل ١/ ٤٣٦ رقم (١٧٤٥)، وابن خزيمة في صحيحه ١/ ٣١ رقم (٥٣)، باب استحباب الاستتار عند الغائط، وصحيح ابن حبان ٤/ ٢٥٨ رقم (١٤١١)، باب ذكر ما يستحب للمرء من الاستتار عند القعود على الحاجة، وأبو يعلى ١٢/ ١٥٧ رقم (٦٧٨٧)، مسند عبد الله بن جعفر الهاشمي، والبيهقي في السنن ١/ ٩٤، كتاب الطهارة - باب الاستتار عند قضاء الحاجة.
(٣) انظر: صحيح مسلم ١/ ٢٦٨.
(٤) أبو داود ١/ ٣٣ رقم (٣٥)، كتاب الطهارة - باب الاستتار في الخلاء، والدارمي ١/ ١٧٠، باب التستر عند الحاجة، وابن حبان ٤/ ٢٥٧ رقم (١٤١٠)، باب ذكر الاستتار لمن أراد البراز عنده، والبيهقي في السنن ١/ ٩٤، كتاب الطهارة - باب الاستتار عند قضاء الحاجة، وشرح معاني الآثار ١/ ١٢١ رقم (٧٤٢)، كتاب الطهارة - باب الاستجمار.