تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 359 - الجزء 1

  التطميح؛ إذ هو من لازم القيام؛ ووجه الكراهة فيهما واحد، وهو خشية الترشش.

  ومما يدل على كراهته: ما رواه الترمذي وغيره بإسناد جيد عن عائشة قالت: من حدثكم أن النبي ÷ كان يبول قائمًا فلا تصدقوه، ما كان يبول إلا قاعدا⁣(⁣١).

  وتزول الكراهة بالعذر؛ لما ثبت في الصحيحين أنه ÷ أتى سباطة قوم فبال قائما⁣(⁣٢). والسباطة - بضم السين المهملة -: ملقى التراب والكناسة⁣(⁣٣)، وقد ذكر في بوله ÷ قائمًا وجه. فقيل: لعلة بمأبضه، والمأبض - بهمزة ساكنة ثم باء موحدة مكسورة ثم ضاد معجمة -: باطن الركبة⁣(⁣٤)، وقيل: لأن العرب كانت تستشفي بذلك لوجع الصلب. وقيل: لأنه لم يجد موضعًا لقعوده⁣(⁣٥). وقيل: بل فعل ذلك بيانا لجوازه، وكان غالب أحواله البول قاعدا.

  وإضافة السباطة إلى القوم، ليس لاختصاصهم بها بل لكونها بفناء دورهم، وينتفع بها الناس عمومًا، أو لتجويزه ÷ رضاهم. والله أعلم.


(١) أخرجه الترمذي ١/ ٦٧ رقم (١٢)، كتاب الطهارة - باب ما جاء في النهي عن البول قائما. قال أبو عيسى: حديث عائشة أحسن شيء في الباب وأصح. وأخرج الحاكم في المستدرك ١/ ١٨١، كتاب الطهارة - باب البول قائما وقاعدا، بلفظ: عن عائشة ^ قالت: ما بال رسول الله ÷ قائما منذ أنزل عليه الفرقان» وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وأبو عوانة في مسنده ١/ ١٦٩ رقم (٥٠٤)، باب إيثار ترك البول قائما، بنفس لفظ الحاكم، والنسائي ١/ ٢٦ رقم (٢٩)، كتاب الطهارة - باب البول في البيت جالسا.

(٢) أخرجه البخاري ١/ ٩٠ رقم (٢٢٢)، كتاب الوضوء - باب البول قائمًا وقاعدًا، وكذلك ٢/ ٨٧٤ رقم (٢٣٣٩)، كتاب المظالم - باب الوقوف والبول عند سباطة قوم، ومسلم ١/ ٢٢٨ رقم (٢٧٣)، كتاب الطهارة - باب المسح على الخفين، وأبو داود ١/ ٢٧ رقم (٢٣)، كتاب الطهارة - باب البول قائما، والترمذي ١/ ١٩ رقم (١٣)، كتاب الطهارة - باب الرخصة في ذلك. قال أبو عيسى: وسمعت الجارود يقول: سمعت وكيعا يحدث بهذا الحديث عن الأعمش، ثم قال وكيع: هذا أصح حديث، والنسائي ١/ ٢٩ رقم (٢٦)، كتاب الطهارة - باب الرخصة في البول في الصحراء قائما، وابن ماجة ١/ ١١١ رقم (٣٠٥)، كتاب الطهارة وسننها - باب ما جاء في البول قائما. وغيرهم.

(٣) انظر: النهاية في غريب الحديث ٢/ ٣٣٥.

(٤) مرجع سابق ١/ ١٥.

(٥) مرجع سابق ٢/ ٣٣٥.