تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

الباب الأول

صفحة 38 - الجزء 1

  أنه تعالى ليس بذي مكان ولا انتقال في الجهات؛ لأن ذلك يستلزم الجسمية المستلزمة للحدوث، وقد مر بطلان ذلك. ومنها: أنه لا يجوز عليه الرؤية⁣(⁣١).

  ثم ذكر مسائل العدل، وقال: أما مسائل العدل: فمنها: أنه تعالى لا يفعل القبيح، ولا يخلُّ بالواجب، وأفعاله كلها حسنة؛ والدليل على ذلك أنه تعالى عالم بقبح القبيح، وغني عن فعله، وعالِمٌ باستغنائه عنه، ومن كان كذلك فإنه لا يقدم على فعل القبيح، ولا على الإخلال بواجبٍ؛ إذ لا داعي له إلى ذلك، [ومثل ذلك]⁣(⁣٢) معلوم الشاهد. أما أنه عالم بقبح القبيح وباستغنائه عنه؛ فَلِمَا تقدم من كونه تعالى عالمًا بجميع أعيان المعلومات، وأما كونه غنيًّا عن فعله: فَلِمَا مر أيضا من أنه لا تجوز عليه الحاجة.

  وأما كونه تعالى لا يخل بالواجب؛ فلأنَّ ذلك يستلزم فعله للقبيح تعالى عن ذلك علوًا كبيرا، وبيانه أن الواجبات على الباري ø ستة أمور، وهي: التمكين للمكلفين، واللطف للمُتَعَبَّدِينَ، والإثابة للمطيعين، وقبول توبة التآئبين، والعوض للمؤلَّمين، والانتصاف للمظلومين.

  وقال أيضا: وإنما خص الإمام بالذكر قُدَرَ القادرين في الاستدلال على كون الباري تعالى قادرًا بِخَلْقِهِ إياها لدقيقتين:

  إحداهما: أن إيجاده تعالى ما يؤثر في إيجاد غيره للفعل، وثبت به كون ذلك الغير قادرًا - أمكن لقادريته تعالى وأدل عليها من إيجاد ما ليس كذلك.

  الثانية: الإشارة إلى الرد على من يقول لا فاعل إلاَّ الله تعالى⁣(⁣٣)، ولا يوصف بالقدرة على إيجاد الفعل غيره لاستلزام ذلك التسوية بينه تعالى وبين غيره في القدرة على الإيجاد، فأشار - أيده الله تعالى - بما ذكره إلى أن ذلك أبلغ في القادرية وأدل على كمالها كما حققه في شرحه.

  وأيضا ذكر: أن تقليد أهل البيت أولى من غيرهم، وقد استدل بأدلة كثيرة، وقال في ذلك: ومن الأدلة الإجمالية العقلية التي أشار إليها المؤلف أيده الله ما


(١) شرح الأثمار، للإمام شرف الدين، مخطوط ص ٣، نسخة بيت شرف الدين.

(٢) في (ب، ج): مثله.

(٣) وهم الأشعرية، والجهمية، والصوفية. انظر عدة الأكياس ١/ ٢٢٤.