تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب [آداب قضاء الحاجة]

صفحة 371 - الجزء 1

باب الوضوء

  هو مشتق من الوضاءة، وهي الحسن، يقال: فلان وضيء الوجه أي حسنه، وهو بفتح الواو: اسم للماء الذي يتوضأ به، وبضمها: اسم للمصدر⁣(⁣١).

  وهو في الشرع: عبارة عن غسل ومسح بالماء لأعضاء مخصوصة بصفة مشروعة⁣(⁣٢)، وهو معلوم من الدين ضرورة، فلا حاجة إلى الاستدلال على وجوبه.

  (إنما يجب للصلاة ونحوها) والظاهر أن ذلك إجماع، والمراد بنحو الصلاة: الطواف الواجب، والسجدة المندوب بها، ومس المصحف عند من يمنع المحدث [من مسه]⁣(⁣٣).

[شروط وجوب الوضوء وصحته]

  (ويشرط لوجوبه وحقيقة صحته التكليف⁣(⁣٤)).والمراد بالتكليف: البلوغ والعقل، فلا يجب الوضوء على الصبي والمجنون؛ لقوله ÷: «رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يعقل»⁣(⁣٥). وفي رواية: «حتى يحتلم». أخرجه أبو داود وغيره⁣(⁣٦).


(١) انظر تاج العروس ١/ ٢٧٦، والموسوعة الفقهية ٢٩/ ٩٢، ٤٣/ ٣١٥.

(٢) انظر: البيان الشافي ١/ ٨٣. وقد عرفه الفقهاء بتعريفات منها: قال الحنفية: الوضوء هو الغسل والمسح على أعضاء مخصوصة. وقال المالكية: هو طهارة مائية تتعلق بأعضاء مخصوصة - وهي الأعضاء الأربعة - على وجه مخصوص. وقال الشافعية: هو أفعال مخصوصة مفتتحة بالنية، أو هو استعمال الماء في أعضاء مخصوصة مفتتحًا بالنية. وقال الحنابلة: هو استعمال ماء طهور في الأعضاء الأربعة، (وهي: الوجه، واليدان، والرأس، والرجلان)، على صفة مخصوصة في الشرع، بأن يأتي بها مرتبة متوالية مع باقي الفروض. انظر: الموسوعة الفقهية ٤٣/ ٣١٥.

(٣) في (ب): منه.

وهو قول القاسم، والإمام يحيى بن حمزة، كما هو مذهب مالك، والأوزاعي، وسفيان الثوري، وأبي حنيفة وأصحابه، والشافعي. وهو أنهم قالوا: لا يمس المصحف ولا يحمله إلا طاهر غير محدث ولا جنب؛ واستدلوا بقوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}⁣[الواقعة: ٧٩]. انظر: البحر الزخار ١/ ٩٧، والانتصار ١/ ٩٣٤، وعيون المجالس ١/ ١٢١، والأوسط ٢/ ١٠١، والمهذب ١/ ١٠٣، وروضة الطالبين ص ٢٦، والمغني ١/ ١٣٧.

(٤) في الأصل: صحة تكليفه، وفي (ب): وحقيقته: صحته التكليف.

(٥) أخرجه أحمد في مسنده ٩/ ٤٧٧ رقم (٢٥١٦٨)، بلفظ: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المبتلى حتى يبرأ، وعن الصبي حتى يعقل»، ومثله البيهقي في السنن ٨/ ٢٦٤، كتاب السرقة - باب المجنون يصيب حدا، والطبراني في المعجم الكبير ١١/ ٨٩ (١١١٤١)، وفي المعجم الأوسط ٣/ ٣٦١ رقم (٣٤٠٣).

(٦) أخرجه أبو داود ٤/ ٥٦٠ رقم (٤٤٠٣)، كتاب الحدود - باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا، وأحمد بن حنبل في المسند ٩/ ٣٩٨ رقم (٢٤٧٤٨)، والدارمي ٢/ ١٧١، باب رفع القلم عن ثلاثة، وابن =