تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب الوضوء

صفحة 380 - الجزء 1

  لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}⁣(⁣١) أراد: الصلاة إلى بيت المقدس، فكأنه قال: الوضوء شطر الصلاة، وهي تفتقر إلى النية، فكان مثلها؛ ولقوله: {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} والإخلاص بالنية. هكذا في البحر⁣(⁣٢).

  وللحديث الذي أخرجه الستة إلا الموطأ من رواية عمر قال: سمعت رسول الله ÷ يقول: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها⁣(⁣٣) فهجرته إلى ما هاجر إليه»⁣(⁣٤).

  وعن الأوزاعي والحسن بن صالح وزفر أنها غير واجبة في شيء من الطهارات أصلا⁣(⁣٥)، وعن أبي حنيفة وأصحابه أنها لا تجب في الطهارة بالماء، وتجب في التيمم⁣(⁣٦).

  واختلف في أول الوضوء: فعن أحمد بن يحيى أنه غسل الكفين قبل إدخالهما الإناء؛ لأن ذلك واجب عنده⁣(⁣٧) لظاهر⁣(⁣٨) الخبر.

  وعن الهادي، والمرتضى، وأبي العباس غسل الفرجين بعد إزالة النجاسة⁣(⁣٩).

  وعن زيد بن علي غسل الوجه⁣(⁣١٠)، وكذا عن السيدين، لكنهما يقولان بوجوب المضمضة والاستنشاق، ويجعلان ذلك من كمال الوجه لا عضوا على حياله⁣(⁣١١)، فعلى هذا تجزئ عندهما النية عند المضمضة أو غسل الوجه، فثبت أن محل النية⁣(⁣١٢) عند أول عضو


(١) سورة البقرة: ١٤٣.

(٢) ينظر: البحر الزخار ١/ ٥٥.

(٣) في (ب، ج): أو امرأة ليتزوجها.

(٤) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب بدء الوحي - باب كيف بدء الوحي إلى رسول الله ÷ قول الله جل ذكره: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ}⁣[النساء: ١٦٣] ص ٣ رقم (١)، ومسلم ٣/ ١٥١٥ رقم (١٩٠٧)، كتاب الإمارة - باب قَوْلِهِ ÷ «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ». وَأَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْغَزْوُ وَغَيْرُهُ مِنَ الأَعْمَال، وأبو داود في سننه، كتاب الطلاق - باب في ما عنى به الطلاق والنيات ص ٣٧٦ رقم (٢٢٠٠)، والنسائي في سننه ٢/ ٣١٥ رقم (٢٢٠١)، وابن ماجة في سننه، كتاب الزهد - باب النية ص ٦٤٢ رقم (٤٢٢٧).

(٥) ينظر: مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٣٤.

(٦) ينظر: الهداية شرح بداية المبتدي ١/ ١٦.

(٧) ينظر: البحر الزخار ١/ ٧٦، والانتصار ١/ ٦١، والتحرير ١/ ٤٧، والبيان الشافي ١/ ٨٣، وذكر أن غسل اليدين في أول الوضوء هو قول القاسم والهادي، وابنيه، وأبي العباس الحسني.

(٨) في (ج): ولظاهر.

(٩) ينظر: المهذب في فتاوى الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة ص ٤، والانتصار ١/ ٦١٥، وشرح الأزهار ١/ ٨٠.

(١٠) ينظر: الانتصار ١/ ٦١٥.

(١١) ينظر: البحر الزخار ١/ ٦١، وشرح التجريد ١/ ١٢٨، ١٢٩.

(١٢) في (ب): فيثبت أن النية.