تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 384 - الجزء 1

  أوَّلًا، فإن الصرف يدخل في النية فيبطل ما نواه له أولًا من حيث صرف فلا يصح أن يصلي به ما نواه أولًا، ولا ما نواه ثانيا إلا أن يكون ما نواه لأحدهما مما يدخل تبعا تحت الآخر، نحو أن يصرف من فرض إلى نفل، فيصح أن يصلي النفل.

  قال في الغيث: وكان القياس أن لا يجزئ للنفل على أصل الهادوية؛ لأنه إذا بطل المتبوع بطل التابع. انتهى باختصار.

  وإنما عطف المؤلف أيده الله تعالى الصرف بلفظة ثم⁣(⁣١) للتنبيه على الصرف إنما يكون بعد تمام عقد النية، بخلاف الثلاثة المتقدمة، فلو عاد إلى حيث صرف صحت لما نواه أولا، كذا قيل، ولعله مع تجديد نيته الأولى والله أعلم.

  نعم: أما الرفض والتخيير فلا يدخلان في نية الوضوء.

  فالرفض نحو أن يتوضأ للصلاة حتى يتم وضوءه أو يتوسط فيه ثم ينوي رفضه وإبطاله فإنه لا يبطل على الصحيح، كما لو نوى بعد تمام صلاته أو حجه أو صومه أو قبل تمامها وبعد الشروع فيها رفضها وإبطالها، فإنها⁣(⁣٢) لا تبطل بذلك.

  وعن المنصور بالله وعلي خليل وأبي مضر أن الوضوء قبل كماله يبطل بالرفض؛ لأنه لا يثبت له حكم حتى يكمل بخلاف الصلاة والصوم والحج⁣(⁣٣).

  قال في الغيث: لعلهم يقولون لأن⁣(⁣٤) كل جزء منها عبادة بخلاف الوضوء فلا قربة في أبعاضه، وفي كلامهم نظر؛ لأن رفض ما قد فعل ووجد مستحيل. والله أعلم.

  وصورة التخيير: أن ينوي وضوءه لصلاة الظهر أو العصر فلا تصح لأي الفرضين، وكذا لو خير بين فرض ونفل؛ لأن النية إرادة مخصوصة يعتبر فيها الحزم من أول الأمر، وكذا لو خير بين عبادة ومباح والله أعلم.


(١) في (ب): بلفظ ثم.

(٢) في (ب): فإنه.

(٣) ينظر: شرح الأزهار ١/ ٨٥.

(٤) في (ب، ج): يقولون: إن كل.