كتاب الطهارة
  وقيل: لا يصح إن لم تعم. لنا: إحداث تداخل فيرتفع الكل برفع البعض، وإلا لزم التكرار. انتهى. قيل: فإن نوى غير الأسباب التي استند إليها حدثه هذا، فإن كان ذلك غلطًا صحت نيته؛ لأن حكم الأسباب وهو المنع واحد. والمقصود رفعه، والتعرض للسبب ليس بشرط فيلغو، وإن فعل ذلك عمدًا لم تصح نيته للتلاعب بالطهارة.
  (ويدخلها شرط وتفريق وتشريك ثم صرف لا رفض وتخيير) يعني أن النية تصح أن يدخلها أحكام أربعة:
  أولها: الشرط، وصورته: أن يشك المتوضئ في وضوئه الأول فيتوضأ ثانيا بنية مشروطة بأن يكون الوضوء الأول فاسدا، فيجزئه ذلك.
  وثانيها: التفريق: وهو أن ينوي عند كل عضو غسله للصلاة، فإن هذا يصح(١). ذكره في الشرح(٢)، وادعى فيه الإجماع، وذكره غيره، وإنما جاز التفريق في الوضوء دون الصلاة والحج؛ لأنه بمنزلة عبادات متعددة لصحة تفريقه، وكل من الصلاة والحج عبادة واحدة.
  وعن بعض الشافعية لا يصح(٣)؛ لأنه لو غسل يده لم يمس بها المصحف مهما لم يكمل الوضوء. قال في الغيث: وهو قوي من جهة النظر.
  وثالثها: التشريك: إما تشريك غير النجس نحو أن ينوي بوضوئه لصلاة(٤) وتعليم الغير، فلا كلام في صحة ذلك كما روي عن عثمان أنه فعل ذلك. وكذا لو نوى وضوءه للصلاة والتبرد أو إزالة الدرن الطاهر.
  وإما تشريك النجس نحو أن يغسل عضوا متنجسا بنية الوضوء للصلاة، فقد ذكر أبو مضر عن القاضي يوسف والشيخ الأستاذ أن ذلك يصح(٥)، وحمل ذلك على أن النجاسة طارئة، وأن ذلك وقع عند الغسلة الثالثة، وأنها في أول أعضاء الوضوء أو في غيره، حيث فرق النية. وقد بسط الكلام على ذلك في الغيث.
  ورابعها: الصرف: وهو أن ينوي قبل فراغ وضوئه وبعد شروعه فيه غير ما نواه
(١) في (ب): فإن هذا صحيح.
(٢) ينظر: شرح الأزهار ١/ ٨٣.
(٣) ينظر: الحاوي ١/ ١١٤، والمجموع ١/ ٣٧٢.
(٤) في الأصل: الصلاة.
(٥) ينظر: شرح الأزهار ١/ ٨٣.