تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب الوضوء

صفحة 386 - الجزء 1

  وهو بتقديم الحاء المهملة على الجيم، وهو مباعدة ما بين الرجلين⁣(⁣١)؛ وذلك لما حكاه في الشفاء وغيره أن النبي ÷ كان يتفحج عند الاستنجاء تفحج الظليم، وهو ذكر النعام، وفي مشيته تفكك⁣(⁣٢). قيل: ولا يضر بعد إبلاء العذر بقاء ريح ولا تقدير خروج شيء من الذكر ولو نتره بعد غسله، كما لا يضر تقدير خروج دم من الجرح لو عصر بعد غسله ما لم يخرج فيهما.

  نعم: والقول بأن الفرجين من أعضاء الوضوء هو المشهور عن الهادي والمرتضى وأبي العباس⁣(⁣٣)؛ واحتجوا على ذلك بحديث أهل قباء، ولفظه في شفاء الأوام: أنه لما نزل قوله تعالى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}⁣(⁣٤) يعني أهل قباء، قال رسول الله ÷: «يا معاشر الأنصار إن الله قد أثنى عليكم في الطهور، فما طهوركم»؟ قالوا: نتوضأ للصلاة، ونغتسل للجنابة، ونتبع الحجارة الماء، فقال: «هو ذاكم فعليكموه»⁣(⁣٥). انتهى. ولفظه في سنن⁣(⁣٦) الدارقطني عن أبي أيوب وجابر وأنس في هذه الآية: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا}⁣(⁣٧) قال رسول الله ÷: «يا معاشر⁣(⁣٨) الأنصار إن الله قد أثنى عليكم خيرا في الطهور فما طهوركم هذا»؟ قالوا: يا رسول الله نتوضأ للصلاة، ونغتسل من الجنابة، فقال رسول الله ÷: «هل مع ذلك غيره»؟ قالوا: لا، غير أن أحدنا إذا خرج من الغائط أحب أن يستنجي بالماء، فقال: «هو ذلكم فعليكموه»⁣(⁣٩). انتهى.

  ووجه الاستدلال به: أن الطهور في الشرع: اسم لغسل هذه الأعضاء، وقد أمرهم ÷


(١) ينظر: تاج العروس ٣/ ٤٥١، مادة: فحج.

(٢) شفاء الأوام، باب الاستنجاء بالماء ١/ ٤٣.

(٣) ينظر: البيان الشافي ١/ ٨٣، وشرح الأزهار ١/ ٨٠، والتذكرة الفاخرة ص ٤٤، والانتصار ١/ ٥٨٧.

(٤) سورة التوبة: ١٠٨.

(٥) شفاء الأوام ١/ ٤٣، والحديث أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطهارة - باب في الاستنجاء بالماء ص ٢٦، ٢٧ رقم (٤٤)، والترمذي في سننه، كتاب أبواب تفسير القرآن - باب رقم (٩) ص ٦٧٩ رقم (٣١٠٠)، وقال: حديث ضعيف، وأحمد في مسنده ٦/ ٦ رقم (٢٣٨٨٤)، والبيهقي في سننه، كتاب الطهارة - باب الاستنجاء بالماء ١/ ١١ رقم (٤٣)، وابن ماجة في سننه، كتاب الطهارة وسننها - باب الاستنجاء بالماء ص ٥٧ رقم (٣٥٥).

(٦) في (الأصل): ولفظه في سيرة الدارقطني.

(٧) سورة التوبة: ١٠٨.

(٨) في (ب، ج): يا معشر.

(٩) سنن الدارقطني، كتاب الطهارة - باب الاستنجاء ١/ ٦٢ رقم (٦).