كتاب الطهارة
  بلزوم ذلك الطهور بقوله: «فعليكموه» والأمر يقتضي الوجوب، فكان الفرجان كالوجه في ذلك.
  وبما أخرجه الترمذي من رواية أبي هريرة أن النبي ÷ قال: «جاءني جبريل # فقال: يا محمد إذا توضأت فانتضخ»(١).
  والمراد بالانتضاخ: الاستنجاء، وقد ورد عنه ÷ في الاستنجاء من فعله وقوله أحاديث كثيرة.
  وعند أكثر الأئمة والأمة أن الفرجين ليسا من أعضاء الوضوء؛ إذ لم يذكرا في آية الوضوء(٢)، بل قال تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}(٣)؛ ولأن النبي ÷ لم يذكرهما في حديث الأعرابي الذي علمه الوضوء، ولفظه في شفاء الأوام: ولما سأله الأعرابي عن الوضوء قال ÷: «توضأ كما أمرك الله تعالى فاغسل وجهك ويديك وامسح رأسك واغسل رجليك»(٤). انتهى.
  وعن رفاعة بن رافع(٥) أنه كان جالسًا عند النبي ÷ فقال: «إنها لا تتم صلاة لأحد حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله بغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين»، قيل: رواه ابن ماجة بإسناد جيد(٦). قالوا:
(١) أخرجه الترمذي في سننه، كتاب أبواب الطهارة - باب في ا لنضح بعد الوضوء ص ١٦، ١٧ رقم (٥٠)، وقال: ضعيف، وابن ماجة في سننه، كتاب الطهارة وسننها - باب ما جاء في النضح بعد الوضوء ص ٧٠، ٧١ رقم (٤٦٣).
(٢) ينظر: الانتصار ١/ ٥٨٨ حيث قال فيه: إن وجوب غسلها إنما كان من أجل إزالة النجاسة لا من جهة كونهما عضوين من أعضاء الطهارة، وهذا هو رأي المؤيد بالله، وهو رأي أكثر العترة.
(٣) سورة المائدة: ٦.
(٤) شفاء الأوام ١/ ٥٩ باب الوضوء.
(٥) رفاعة بن رافع بن مالك بن الأنصاري الزرقي، يكنى أبا معاذ، شهد العقبة، وبدرًا، وأحدًا، وسائر المشاهد مع رسول الله ÷، وشهد الجمل وصفين مع الإمام علي، توفي أول زمن معاوية، خرج له من أئمة الزيدية: أبو طالب، والمؤيد بالله، ومحمد بن منصور المرادي، ومن المحدثين: البخاري، والأربعة. ينظر طبقات ابن سعد ٣/ ٥٩٦، والإصابة ١/ ٥٠٣ رقم (٢٦٦٤)، والاستيعاب ٢/ ٧٧ رقم (٧٧٦)، وأسد الغابة ٢/ ٢٧٩ رقم (١٦٨٤)، ولوامع الأنوار ٣//٨١.
(٦) أخرجه ابن ماجة في سننه، كتاب الطهارة وسننها - باب ما جاء في الوضوء على ما أمر الله تعالى ١/ ١٥٦ رقم (٤٦٠)، والنسائي في سننه، كتاب الطهارة - باب الرخصة في ترك الذكر في الطهارة وسننها، باب ما جاء على ما أمر الله تعالى رقم (٤٦٠)، والدارقطني في سننه، كتاب الطهارة - باب وجوب غسل =