كتاب الطهارة
  لوضوء النبي ÷ غسل كل عضو ثلاثا ثلاثا(١)، واختلفت الرواية عنهما في مسح الرأس، وأكثرها على أن مسحه مرة واحدة، وفي بعضها ثلاث(٢). وتكره الزيادة على الثلاث؛ لحديث ابن عمرو بن العاص قال: جاء أعرابي إلى النبي ÷ يسأله عن الوضوء فأراه ثلاثا ثلاثا، ثم قال: «هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم». هكذا أخرجه النسائي وأخرجه أبو داود مطولا(٣). وقال: «فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم، أو ظلم وأساء»(٤). قيل: أساء: ترك الأولى، وتعدى: حد السنة، وظلم: أي وضع الشيء في غير موضعه.
  قوله أيده الله تعالى: (ومسح الرقبة) يعني السالفتين(٥) والقفا، والسنة مسحهما(٦) ببقية ماء الرأس(٧) مرة واحدة، وهذه هي السنة الخامسة، [وذلك](٨) لما حكاه في الانتصار عن علي أنه كان يمسح رأسه ويجيل يديه(٩) على عنقه(١٠). وفي شفاء الأوام عنه عن النبي ÷ أنه قال: «من توضأ ومسح سالفتيه بالماء وقفاه أمن من الغُل يوم القيامة»(١١).
= ٦٥، ٦٦ رقم (٤٢٠)، وأحمد في مسنده ٢/ ٩٨ رقم (٥٧٣٥)، والدارقطني في سننه، كتاب الطهارة - باب وضوء رسول الله ÷ ١/ ٨١ رقم (٥)، والترغيب والترهيب ١/ ٩٧ رقم (٣٠٨)، وقال: وفيه زيد العمي وقد وثق، وبقية رواة أحمد رواة الصحيح، وقال في مجمع الزوائد: رواه أحمد، وفيه زيد العمي وهو ضعيف وقد وثق.
(١) ينظر: نصب الراية للزيلعي ١/ ١٧.
(٢) مسح الرأس ثلاثا مروية عن أكثر أئمة الزيدية، وعطاء، والشافعي. ينظر: البحر الزخار ١/ ٦٤، وروضة الطالبين ص ٢٧، ومصنف ابن أبي شيبة ١/ ٢٣. وعند المؤيد بالله، وأبي حنيفة، ومجاهد، والحسن البصري، ومالك، وسفيان الثوري، وأبي نصر من أصحاب الشافعي المسح مرة؛ واستدلوا أن عليا # وعثمان مسحا مرة في تعليمهما. ينظر: البحر الزخار ١/ ٦٥، والمجموع ١/ ٤٦٢، ومصنف ابن أبي شيبة ١/ ٢٢ - ٢٣، ومصنف عبد الرزاق ١/ ٧ - ٨.
(٣) في (ب، ج): بطوله.
(٤) أخرجه أبو داود، كتاب الطهارة - باب الوضوء ثلاثا ثلاثا ١/ ٩٤ رقم (١٣٥)، وأخرجه النسائي في سننه، كتاب الطهارة - باب الاعتداد على الوضوء ص ٢٧ رقم (١٤٠)، وأخرجه أحمد في مسنده ٢/ ١٨٠ رقم (٦٦٨٤)، وشفاء الأوام ١/ ٦٨.
(٥) السالفتان: صفحتا العنق. شفاء الأوام ١/ ٦٨.
(٦) في (الأصل): مسحها.
(٧) وهو قول القاسم، والهادي. ينظر: شرح التجريد ١/ ١٣٩، والبحر الزخار ١/ ٧٧، والانتصار ١/ ٧٧٨، خلاف المؤيد بالله والحنفية والشافعية، وهي أنها تمسح بماء جديد. ينظر: روضة الطالبين ص ٢٨.
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٩) في (ب): وتخليل يده.
(١٠) الانتصار ١/ ٧٧٨.
(١١) أمالي أحمد بن عيسى ١/ ٥٦ رقم (٥٣)، وشفاء الأوام ١/ ٦٨.