باب الوضوء
  وفي الشفاء أيضًا عن عائشة عن النبي ÷ أنه قال: «من استجمع نومًا فليتوضأ»(١). وفي التلخيص منسوبًا إلى البيهقي من رواية أبي هريرة: «من استحق النوم وجب عليه الوضوء»(٢)، وقال، أي البيهقي: لا يصح رفعه(٣). والله أعلم. وَحَدُّهُ زوال العقل لا مجرد النعاس الذي لا يزول معه العقل.
  وعن أبي موسى الأشعري وغيره(٤) أن النوم غير ناقض مطلقًا.
  وعن زيد بن علي، وأبي حنيفة أن النوم حال الصلاة لا ينقض، سواء كان قائمًا أم راكعًا أم ساجدا أم قاعدا(٥)؛ لما روي عن النبي ÷ أنه قال: «إذا نام العبد في سجوده باهى الله به الملائكة، يقول: عبدي روحه عندي وجسده ساجدٌ(٦) بين يدي» رواه البيهقي وغيره(٧). وقد ضعف(٨). وعلى تقدير صحته فهو إنما يدل على فضل العبادة لا على أن النوم لا ينقض الوضوء.
  وعن الشافعي وهو المشهور عنه: أن النوم ليس بحدث، وإنما هو مظنة للحدث، فلا ينتقض(٩) وضوء من نام جالسًا متربعا ممكنا مقعدته(١٠)؛ واستدل على ذلك بما رواه أبو داود وغيره من حديث علي [مرفوعًا](١١): «العينان وكاء السه، فمن نام
(١) شفاء الأوام ١/ ٧٥ باب نواقض الوضوء.
(٢) أخرجه البيهقي في سننه، كتاب الطهارة - باب الوضوء من الريح يخرج من السبيلين ١/ ١١٩ رقم (٥٨٠)، وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، باب من يقول إذا نام فليتوضأ ١/ ١٢٤ رقم (١٤١٦)، والدارقطني في العلل ٨/ ٣٢٨ رقم (١٦٠٠)، وتلخيص الحبير ١/ ١١٨ رقم (١٦٠).
(٣) ينظر: تلخيص الحبير ١/ ١١٨، والبيهقي في السنن ١/ ١١٩.
(٤) وهم أبو مجلز، وحميد الأعرج، وعمرو بن دينار، والإمامية. ينظر: البحر الزخار ١/ ٨٨، والأوسط ١/ ١٥٣، والمغني ١/ ١٦٤، ١٦٥، واللمعة الدمشقية ١/ ٣٢٠، وفيه: أنه ناقض بشرط أن يكون غالبا غلبة مستهلكة على السمع والبصر، بل على جميع الإحساس.
(٥) ينظر: مسند الإمام زيد ص ٧٠، وبدائع الصنائع ١/ ٣١ وفيه: أنه محكي عن النظام أنه ليس بحدث، ولا عبرة بخلافه؛ لمخالفته الإجماع، وخروجه عن أهل الاجتهاد ... إلى أن قال: وروي عن أبي يوسف أنه قال: سألت أبا حنيفة عن النوم في الصلاة؟ فقال: لا ينقض الوضوء.
(٦) في (ب): ساجدا.
(٧) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ٧/ ٢٣٢ رقم (٣٥٥٩٩)، ولم أجده في سنن البيهقي.
(٨) ينظر تلخيص الحبير ١/ ١٢٠ حيث قال: أنكر جماعة منهم القاضي ابن العربي وجودَهُ. وقد رواه البيهقي في الخلافيات من حديث أنس، وفيه داود بن الزِّبرقان وهو ضعيف.
(٩) في (ج): فلا ينقض.
(١٠) ينظر: الأم ١/ ٧١، والمجموع ٢/ ١٤، والمهذب ١/ ٩٦.
(١١) ما بين المعقوفتين من (ج).