باب الوضوء
  قال معدان(١): فلقيت ثوبان(٢) فسألته فقال: صدق، وأنا صببت له وضوءه. أخرجه الترمذي، ولأبي داود نحوه(٣).
  وعن الناصر والباقر والصادق والشافعي ومالك: أن ذلك غير ناقض مطلقا(٤)؛ لما روي عن ثوبان قال: قلت: يا رسول الله أيجب الوضوء من القيء؟ قال: «لو كان واجبا لوجدته في كتاب الله». حكاه في الانتصار(٥).
  قلنا: مفهوم، وحديثنا منطوق.
  وعن زيد بن علي وزفر وغيرهما(٦) أن قليله وكثيره ناقض(٧)؛ لعموم قوله ÷: «من قاء أو قلس فليتوضأ»(٨).
  قلنا: مطلق فيحمل على المقيد، وهو ما تقدم، أو يحمل على الوضوء اللغوي، و هو غسل اليدين والفم؛ لما سيأتي.
  وعن أبي حنيفة ومحمد: أن القيء إذا كان بلغما لم ينقض(٩)؛ لقولهما بطهارته؛ إذ ليس من المعدة.
(١) معدان بن أبي طلحة اليعمري الكناني الشامي، تابعي، وثقه ابن سعد، والعجلي، وابن حبان، روى له الجماعة سوى البخاري. ينظر: تهذيب الكمال ٢٨/ ٢٥٦ رقم (٦٠٨٢)، والتاريخ الكبير ٨/ ٣٨ رقم (٢٠٧٠).
(٢) ثوبان مولى رسول الله ÷، أبو عبد الله، وهو ثوبان بن بجدد، من أهل السراة، والسراة موضع بين مكة واليمن، قيل: إنه من حمير، سُبِي فاشتراه النبي ÷ فأعتقه النبي فلازمه حتى توفي ÷، ثم خرج إلى الشام وتوفي بحمص سنة ٤٤ هـ، وقيل: سنة ٤٥ هـ. ينظر الإصابة ١/ ٢٠٥، والاستيعاب ١/ ٢٩٠، وأسد الغابة ١/ ٤٨٠.
(٣) أخرجه الترمذي في سننه، كتاب أبواب الطهارة - باب ما جاء في الوضوء من القيء والرعاف ص ٢٥، رقم (٨٧) قيل: صحيح، وأخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصيام - باب الصائم يستقيء عامدًا ص ٤٠٧ رقم (٢٣٧٨).
(٤) وهو قول داود، وربيعة، والحسن البصرين وعند الحنابلة: ينقض الوضوء كثير القيء ويسيره، ورواية لا ينقض القيء الوضوء إلا إذا كان كثيرا. ينظر: البحر الزخار ١/ ٨٨، والانتصار ١/ ٨٧٣، وفقه الإمام جعفر الصادق ١/ ٥٥. والأم ١/ ٨٥، والمهذب ١/ ١٠١، وعيون المجالس ١/ ١٤٦ والمغني ١/ ١٧٥.
(٥) الانتصار ١/ ٨٧٣، وأخرجه الدارقطني في سننه، كتاب الصيام - باب القبلة للصائم ٢/ ١٨٤ رقم (١٩) بلفظ: كان رسول الله ÷ صائما في غير رمضان؛ فأصابه غم آذاه فتقيأ فقاء، فدعا بوضوء فتوضأ، ثم أفطر، فقلت: يا رسول الله أفريضة الوضوء من القيء؟ قال: لو كان فريضة لوجدته في القرآن ...
(٦) كسفيان الثوري، والحسن بن صالح. المغني ١/ ١٧٥.
(٧) ينظر: البحر الزخار ١/ ٨٨، والهداية شرح بداية المبتدي ١/ ١٧، ومصنف عبد الرزاق ١/ ١٣٧.
(٨) أخرجه البيهقي في سننه، كتاب الطهارة - باب ترك الوضوء من خروج الدم مخرج الحدث ١/ ١٤٢ رقم (٦٥٢)، وأخرجه الدارقطني في سننه، كتاب الطهارة - باب ما روي في مس الإبط ١/ ١٥٣ رقم (١١).
(٩) ينظر: مختصر الطحاوي ص ١٨، والهداية شرح بداية المبتدي ١/ ١٧.