تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب الوضوء

صفحة 440 - الجزء 1

  قال معدان⁣(⁣١): فلقيت ثوبان⁣(⁣٢) فسألته فقال: صدق، وأنا صببت له وضوءه. أخرجه الترمذي، ولأبي داود نحوه⁣(⁣٣).

  وعن الناصر والباقر والصادق والشافعي ومالك: أن ذلك غير ناقض مطلقا⁣(⁣٤)؛ لما روي عن ثوبان قال: قلت: يا رسول الله أيجب الوضوء من القيء؟ قال: «لو كان واجبا لوجدته في كتاب الله». حكاه في الانتصار⁣(⁣٥).

  قلنا: مفهوم، وحديثنا منطوق.

  وعن زيد بن علي وزفر وغيرهما⁣(⁣٦) أن قليله وكثيره ناقض⁣(⁣٧)؛ لعموم قوله ÷: «من قاء أو قلس فليتوضأ»⁣(⁣٨).

  قلنا: مطلق فيحمل على المقيد، وهو ما تقدم، أو يحمل على الوضوء اللغوي، و هو غسل اليدين والفم؛ لما سيأتي.

  وعن أبي حنيفة ومحمد: أن القيء إذا كان بلغما لم ينقض⁣(⁣٩)؛ لقولهما بطهارته؛ إذ ليس من المعدة.


(١) معدان بن أبي طلحة اليعمري الكناني الشامي، تابعي، وثقه ابن سعد، والعجلي، وابن حبان، روى له الجماعة سوى البخاري. ينظر: تهذيب الكمال ٢٨/ ٢٥٦ رقم (٦٠٨٢)، والتاريخ الكبير ٨/ ٣٨ رقم (٢٠٧٠).

(٢) ثوبان مولى رسول الله ÷، أبو عبد الله، وهو ثوبان بن بجدد، من أهل السراة، والسراة موضع بين مكة واليمن، قيل: إنه من حمير، سُبِي فاشتراه النبي ÷ فأعتقه النبي فلازمه حتى توفي ÷، ثم خرج إلى الشام وتوفي بحمص سنة ٤٤ هـ، وقيل: سنة ٤٥ هـ. ينظر الإصابة ١/ ٢٠٥، والاستيعاب ١/ ٢٩٠، وأسد الغابة ١/ ٤٨٠.

(٣) أخرجه الترمذي في سننه، كتاب أبواب الطهارة - باب ما جاء في الوضوء من القيء والرعاف ص ٢٥، رقم (٨٧) قيل: صحيح، وأخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصيام - باب الصائم يستقيء عامدًا ص ٤٠٧ رقم (٢٣٧٨).

(٤) وهو قول داود، وربيعة، والحسن البصرين وعند الحنابلة: ينقض الوضوء كثير القيء ويسيره، ورواية لا ينقض القيء الوضوء إلا إذا كان كثيرا. ينظر: البحر الزخار ١/ ٨٨، والانتصار ١/ ٨٧٣، وفقه الإمام جعفر الصادق ١/ ٥٥. والأم ١/ ٨٥، والمهذب ١/ ١٠١، وعيون المجالس ١/ ١٤٦ والمغني ١/ ١٧٥.

(٥) الانتصار ١/ ٨٧٣، وأخرجه الدارقطني في سننه، كتاب الصيام - باب القبلة للصائم ٢/ ١٨٤ رقم (١٩) بلفظ: كان رسول الله ÷ صائما في غير رمضان؛ فأصابه غم آذاه فتقيأ فقاء، فدعا بوضوء فتوضأ، ثم أفطر، فقلت: يا رسول الله أفريضة الوضوء من القيء؟ قال: لو كان فريضة لوجدته في القرآن ...

(٦) كسفيان الثوري، والحسن بن صالح. المغني ١/ ١٧٥.

(٧) ينظر: البحر الزخار ١/ ٨٨، والهداية شرح بداية المبتدي ١/ ١٧، ومصنف عبد الرزاق ١/ ١٣٧.

(٨) أخرجه البيهقي في سننه، كتاب الطهارة - باب ترك الوضوء من خروج الدم مخرج الحدث ١/ ١٤٢ رقم (٦٥٢)، وأخرجه الدارقطني في سننه، كتاب الطهارة - باب ما روي في مس الإبط ١/ ١٥٣ رقم (١١).

(٩) ينظر: مختصر الطحاوي ص ١٨، والهداية شرح بداية المبتدي ١/ ١٧.