باب الوضوء
  ويجوز له مس المصحف على المذهب، وهو قول كثيرين، كما تجوز له التلاوة ودخول المسجد اتفاقا(١).
  وعن القاسم، والإمام يحيى، وأكثر الفقهاء: لا يجوز(٢)؛ لقوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}(٣).
  قلنا: الضمير للكتاب المكنون، وهو اللوح المحفوظ. والمراد بالمطهرين: الملائكة $(٤).
  قالوا: روى حكيم بن حزام(٥) أن النبي ÷ قال: «لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر». رواه الدارقطني والحاكم وغيرهما(٦).
  وفي الموطأ: إن في الكتاب الذي كتبه رسول الله ÷ لعمرو بن حزم(٧): أن لا يمس القرآن إلا طاهر(٨).
= والبيهقي في سننه، كتاب الطهارة - باب نهي الجنب عن قراءة القرآن ١/ ٨٨ رقم (٤١٨)، وأحمد في مسنده ١/ ١٠٧ رقم (٨٤٠)، وصححه الحاكم في المستدرك على الصحيحين ١/ ٢٥٣ رقم (٥٤١).
(١) كما هو قول ابن عباس، والشعبي، والضحاك، والإمام زيد، والمؤيد بالله، وقاضي القضاة، والحاكم، وداود. ينظر: البحر الزخار ١/ ٩٦، ٩٧، والانتصار ١/ ٩٣٤، وعيون المجالس ١/ ١٢٢، والمغني ١/ ١٣٧ - ١٣٨، والمحلى بالآثار ١/ ٩٤.
(٢) كما هو قول مالك، والأوزاعي، وسفيان الثوري، وأبي حنيفة وأصحابه، والشافعي، حيث قالوا: ولا يمس المصحف ولا يحمله إلا طاهر غير محدث ولا جنب. وكما أن الآية: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} نهي لا خبر، وإلا كان كذبا. ينظر: البحر الزخار ١/ ٩٧، والانتصار ١/ ٩٣٤، وعيون المجالس ١/ ١٢١، وبداية المجتهد ١/ ٤٩، والأوسط ٢/ ١٠١، وبدائع الصنائع ١/ ٣٣، والمهذب ١/ ١٠٣، وروضة الطالبين ص ٢٦، والمجموع ٢/ ٧٧.
(٣) سورة الواقعة: ٧٩.
(٤) ينظر: الكشاف ٤/ ٤٦٩، وتفسير الطبري ١٣/ ٢٦٧، وتفسير الخازن والبغوي ٦/ ١٠٨، وروح المعاني ١٥/ ٢٣٥، والكشف والبيان تفسير الثعلبي ٩/ ٢١٩.
(٥) حكيم بن حزام بن خويلد القرشي، ابن أخي خديجة أم المؤمنين ^، أسلم عام الفتح، كان من المؤلفة، فحسن إسلامه، وكان مولده قبل عام الفيل بثلاث عشرة سنة أو اثنتي عشرة سنة على اختلاف في ذلك، كان عاقلًا سريا فاضلا تقيا سيدًا بماله، توفي بالمدينة سنة ٥٤ هـ. روى له الجماعة. ينظر: أسد الغابة ٢/ ٥٨ رقم (١٢٣٤)، والاستيعاب ١/ ٤١٧ رقم (٥٥٣)، والإصابة ١/ ٣٤٨ رقم (١٨٠٠).
(٦) الدارقطني في سننه، كتاب الصلاة - باب المواقيت ٢/ ٢٨٥ رقم (٢٢٢)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين ٣/ ٥٥٢ رقم (٦٠٥١)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير ٩/ ٤٤ رقم (٨٣٣٦). وقال في تلخيص الحبير ١/ ٣١ رقم (١٧٥): وفي إسناده سويد أبو حاتم وهو ضعيف.
(٧) عمرو بن حزم بن زيد الأنصاري الخزرجي، صحابي، شهد الخندق وما بعدها، واستعمله النبي ÷ على أهل نجران، وبعث معه النبي ÷ بكتاب فيه الفرائض والسنن والصدقات والجروح والديات، توفي سنة ٥١ هـ، وروي ٥٤ هـ، روى له أبو داود في المراسيل، والنسائي، وابن ماجة. ينظر: الاستيعاب ٣/ ٢٥٦ رقم (١٩٢٩)، وأسد الغابة ٤/ ٢٠٢ رقم (٣٩٠٥)، وتهذيب الكمال ٢١/ ٥٨٥ رقم (٤٣٤٧)، والإصابة ٢/ ٥٢٥ رقم (٥٨١٢).
(٨) أخرجه مالك في الموطأ، كتاب القرآن - باب الأمر بالوضوء لمن مس القرآن ١/ ١٩٩ رقم (٤٦٩).