باب الوضوء
  صوتا أو يجد ريحا» معناه: يعلم وجود أحدهما، ولا يشترط السماع، ولا الشم بإجماع المسلمين. انتهى(١).
  وعن مالك أنه يجب التطهر على الشاك في عروض الحدث؛ إذ لا يقطع بصحة الصلاة مع الشك في الطهارة(٢).
  قلنا: بل يقطع بصحتها؛ لبقاء حكم اليقين؛ لما مر من الحديث الصحيح. وكذا لو ظن الحدث فلا حكم لظنه على المذهب، وهو قول الأكثر(٣)؛ لما مر.
  وعن المؤيد بالله: يجب العمل بالظن إذا كان مقاربا للعلم؛ إذ أكثر الأحكام الشرعية ظني(٤).
  قلنا: إنما يعمل بالظن حيث لا يمكن العلم. وكذلك الكلام حيث كان على يقين من الحدث، فلا يعمل بما يعرض له من شك أو ظن أنه قد تطهر؛ قياسا على الطرف الأول المنصوص عليه، وإذ طرق الأحكام يجب أن يؤخذ فيها بالأقوى، فلا يعمل فيها بالشك والظن مع إمكان اليقين كما مر. وفي ذلك خلاف المؤيد أيضا في الظن المقارب فيعمل به عنده(٥).
  ومن تيقن الطهارة والحدث وشك في السابق منهما تطهر؛ رجوعا إلى الأصل على الأصح.
  وعن بعض الشافعية: يأخذ بضد ما كان عليه قبلهما من حدث أو طهر(٦). مثاله: لو تيقن أنه وقع منه حدث، وطهر بعد طلوع الشمس، ولم يدر أيهما السابق: فإن علم أنه كان عند طلوع الشمس متطهر فهو الآن محدث، وإن علم أنه كان عند طلوعها محدثًا فهو الآن متطهر، وإن لم يتذكر أي الأمرين لزمه التطهر بكل حال؛ لتعارض احتمالي الطهارة والحدث، وهذا هو الكلام في جملة الطهارة والحدث، وحكم أبعاضهما تابع
(١) شرح النووي على مسلم ٤/ ٤٩.
(٢) ينظر: المدونة الكبرى ١/ ١٢٢، وعيون المجالس ١/ ١٥٢.
(٣) ينظر: البحر الزخار ١/ ٨١، والانتصار ١/ ٧٩٧. وكما قال به أبو حنيفة والشافعي، وقال الحسن البصري: إن شك في الحدث وهو في الصلاة بنى على يقينه ولم يقطع الصلاة، وإن كان في غير الصلاة أخذ بالشك. ينظر: بدائع الصنائع ١/ ٣٣، والمغني ١/ ١٩٣، وعيون المجالس ١/ ١٥٣، والمجموع ٢/ ٧٤.
(٤) ينظر: البحر الزخار ١/ ٨١، والانتصار ١/ ٧٩٧.
(٥) الانتصار ١/ ٧٩٨.
(٦) ينظر: المجموع ٢/ ٧٥.